Quantcast
Channel: مدونة تربية حرة - أ.محمد أبو معيلق
Viewing all 87 articles
Browse latest View live

خمس نصائح لتقييم (روبرك) أكثر جدوى

$
0
0
قبل أن تقرأ هذا المقال..
يعد الروبركس من أهم أدوات التقييم التكويني..فما هو الروبرك (سلم التقدير اللفظي/ سلم التدريج اللفظي)؟

الروبرك هو أحد أدوات التقييم النوعية أو التقويم الواقعي، ويتميز بتحديد معايير للتقييم وتزويدها بمستويات متعددة، ولكل مستوى الوصف الخاص به، على سبيل المثال ، تخيل أن مطلوب منك عمل أداة لتقييم المطاعم في المدينة، واخترت مجموعة من المعايير منها مثلا "زي مقدمي الطعام"، وكان توزيعه على النحو التالي:

ممتاز: 4 علامات: يرتدون ملابس موحدة من نوعية محترمة
جيد: 3 علامات: يرتدون ملابس موحدة لكن من نوعية رخيصة
متوسط: علامتين: لا يرتدون ملابس موحدة ولكن ملابسهم مرتبة ونظيفة
ضعيف علامة واحدة: لا يهتمون بنظافة هندامهم ولا ترتيبه
وبعد الانتهاء من كل المعايير ومستوياتها وصياغة العبارة الدالة على كل مستوى، سيكون لديك الجدول التالي:


المعيار
ممتاز (4 علامات)
جيد (3 علامات )
متوسط (علامتين)
ضعيف(علامة واحدة)
العلامة
1
زي مقدمي الطعام
يرتدون ملابس موحدة من نوعية محترمة
يرتدون ملابس موحدة لكن من نوعية رخيصة
لا يرتدون ملابس موحدة ولكن ملابسهم مرتبة ونظيفة
لا يهتمون بنظافة هندامهم ولا ترتيبه
-/4
2
_______________
_______________
_______________
_______________
_______________
-/4
3
_______________
_______________
_______________
_______________
_______________
-/4
4
_______________
_______________
_______________
_______________
_______________
-/4
4
_______________
_______________
_______________
_______________
_______________
-/4

المـجـمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوع
-/20


ويبقى عدد المعايير والمستويات والعلامات الدالة على كل مستوى ترجع إلى رؤيتك كمعلم للعديد من العوامل الداخلة في عملية التقييم، ويمكن التوصل لها من خلال تحليل المهمة المكلف بها الطلاب، ويمكن أن تكون كذلك عمل تشاركي مع طلابك قبل الشروع في أداء المهمة، وكما يظهر من الشكل السابق فإنه من غير الصحيح أن التقييم الكيفي لا يفضي إلى "علامة"أو أقل دقة من التقييم الكمي، بل العكس هو الصحيح، فالعلامة الناتجة عن التقيمم الكيفي أكثر معقولية ومعنى، حيث يمكن للطالب بسهولة التعرف على نقاط ضعفه من خلال اطلاعه على نتيجته، كما أن وجود الروبريك قبل الشروع بآداء المهمة هو اتفاق بينك وبين الطالب على معايير التقييم وطبيعة الآداء المتوقع منه (شفافية التقييم)..أرجو أن تكون هذه المقدمة مفيدة قبل أن نتناول الروبريكس في المقالين التاليين.


خمس نصائح لتقييم (روبرك) أكثر جدوى
5 Tips for a More Meaningful Rubric

يشعر كل معلم عادة بالسعادة في أول مرات يقوم فيها بتصحيح (وضع العلامات) لأعمال طلابه، ياله من شعور رائع يشتعل بداخلنا، أليس كذلك؟ إلا أنه على أية حال سرعان ما تخبو تلك الحماسة ويتحول إلى عمل تزداد رتابته مع كثرة المرات التي نضطر فيها أن نضع العلامات بسرعة، مكتفيين بالتعامل السطحي أكثر فأكثر مع  تصحيح نفس المشكلات والمقالات والاستجابات.......لمرات ومرات، إلا أنها مازالت تشغل جزء كبير من عملنا اليومي.

إذا، فلم لا نقوم بإعطائها معنى لتصبح أكثر جدوى؟ أنني مؤمن تماما بأن أكثر أدوات التقييم الموجودة يمكن أن تحقق ذلك هو الروبرك (سلم التقدير اللفظي) ، لقد درست لما يزيد عن عقد بدون استخدام الروبريك باستمرار، وادئما ما كانت الحجج حاضرة، مثل "أنا أعرف الدرجات التي يسحقونها دون استخدام الروبريك"، "استخدام الروبرك ما هو إلا مجرد عبء اضافي"، "معظم الروبرك هي معقدة جدا"، وعلى الرغم من ذلك، منذ أن بدأت في استخدامها في صفي لتقييم عمل الطلاب، أيقنت أن الروبرك يمكنها أن تقدم تغذية راجعة لا تقدر بثمن لي ولطلابي وحتى لأولياء أمورهم.

المعلمون الذين يستخدمون الروبرك:
·        يضعون ارشادات وتوقعات واضحة منذ البداية المبكرة للعام الدراسي.
·        يجعلون الطلاب في محل المسؤولية عن أعمالهم (الدراسية) بطريقة مبررة
·         يبقون الطلاب على اطلاع بالمجالات التي هم بحاجة للتركيز عليها في المهام المشابهة
·        يشهدون تقدم في أعمال طلابهم.
المعلمون الذين لا يستخدمون الروبرك:
·        يتركون الطلاب بدون ارشاد حول أي مجالات المهارات هم بحاجة لتطويرها
·        لا يزودون الطلاب بأدلة متماسكة عن ما ينقص أعمالهم
·        لا يقدمون ارشاد كافي حول أولويات عمل الطلاب

وبشكل أساسي، يصاب الطلاب الذين لا يتلقون روبرك في بداية التكليف (بمهمة، بمشروع..) بالاحباط، لأنهم لم يزودوا بمعايير محددة، إنها طبيعة إنسانية أن نريد أن نعرف ما هو المطلوب منا تحديدا حينما نكلف بأمر ما، الارشادات الصريحة تقود الطلاب لاستيعاب ما الذي هم بحاجة لفعله، وما الذي قاموا به، أو لم يقوموا به، بشكل جيد في نهاية الأمر.
العديد من المعلمين الذين قابلتهم كانوا يرغبون في استخدام الروبرك، لكنهم لم يعرفوا ما الذي يمكن أن يضمنوه فيه، وهذا بالطبع أمر واسع جدا، طبقا للصف الذي تدرسه والمادة الدراسية والمهمة المزمع تناولها، إلا أنه يجب على المعلمين التمسك ببضع أشياء، حينما يشرعون في بناء روبرك جيد:

1.       حافظ على الاتساق، يجب أن تحدد بوضوح توقعاتك منذ اليوم الأول في الدراسة، من خلال تزويدك للطلاب بالمعايير التي ستستخدمها طوال العام في تقييمهم، يمكنك أن تزودهم أولا بأول كيف يمكنهم مقاربة هذه التوقعات والوصول إليها وتجاوزها، على سبيل المثال، إذا كنت تنوي تكليفهم بمهمات كتابية، فيجب ألا يختلف الروبرك الخاص بكل مهمة عن سابقه بشكل كبير.

2.       حافظ على ارتكاز الطلاب حول المهارات المزمع تقييمها، لا يفيد حفظ الحقائق الأساسية كثيرا في تجسيد مهارت الأداء التي يقدمها الطلاب في الموضوع الذي تدرسه، وأنا أعرف ذلك عن قرب، كوني كنت ذات مرة معلم اللغة الأسبانية الذي جعل طلابه يحفظون أزمنة الأفعال بعيد عن السياق الحقيقي (الوظيفي) لها، الكثير منهم كان قادرا على حفظها "وتقيؤها"في الاختبار، ولكنهم لم يكونوا قادرين على استخدامها في مواقف الحياة اليومية، الآن، أنا أطلب منهم استخدامها في موقف محدد وأقيم آدائهم باستخدام روبرك يقيس تقدمهم كدارسين للغة تواصلية، فأنا أقيم مهارات محددة مثل قدرتهم على الابتكار باستخدام اللغة، قدرتهم على الآداء في أطر زمنية مختلفة، قدرتهم على الفهم، وغير ذلك الكثير، لا أطلب منهم أشياء محودة مثل: عدد خمس استخدامات للماضي البسيط، أو استخرج عشرة كلمات جديدة من الوحدة، بدلا من ذلك، يجب عليهم اكمال مهمة واقعية باستخدام ما يعرفون من الوحدة الحالية، الوحدات السابقة، أو حتى المستويات السابقة من دراستهم للغة.

3.       استخدم لغة واضحة، إذا ما كانت لغتك المستخدمة في الروبرك مليئة بالرطانة والمصطلحات التربوية، فلا تتوقع من طلابك أن يفهموها، يجب أن تتأكد من أن التوقعات والمعايير  التي يقيمون وفقا لها واضحة المعنى بالنسبة لهم، اخبرهم بالضبط ما هم بالحاجة إلي القيام به والمهارات محل القياس، كما أوصي كذلك قبل أن تقوم باستخدام الروبرك لوضع علامات الطلاب، دعهم يقومون بأنفسهم باستخدام نفس الروبرك في تقييم مهمة ما على سبيل العينة، هذا سيساعد في رفع درجة الألفة مع المهارات التي تسعى إليها.
4.       اعتنق الإيجابية، حينما تستخدم روبرك فإنك تشير بوضوح إلى المعايير التي تلتمسها، ومن الطبيعي أن الطلاب سيؤدون بشكل جيد في واحد منها أو أكثر، أما إذا انتهوا إلى علامة كلية متدنية، فلا تشعرهم بفقدان الثقة وغياب التشجيع، حاول أن تترك ملاحظات بناءة في مكان ما على الورقة.

5.       أفسح مجالا للإبداع، أنا أدعوه "عامل الروعة  “wow factor، كل الروبرك التي أعدها تحتوي على جانب "تجاوز التوقعات"، كواحد من المعايير، ويكتسب ذلك أهمية خاصة لمؤيدي التعلم القائم على المشروعات، لا يجب أن يطلب من الطلاب ببساطة أن يحققوا المعايير، وكأن ذلك هو كل ما يمكن أن يقوموا به، إذا كانوا يسعون إلى تحقيق الدرجات القصوى، فيجب عليهم أن يدفعوا أنفسهم للخروج بطريقة إبداعية يتخطوا من خلالها ما هو مطلوب، ذلك يلقيهم خارج منطقة الأمان (ما هو مألوف) ويشجع الروح الابتكارية، سعة الحيلة هذه ستساعدهم لاحقا بلا شك في أعمالهم المستقبلية

مازلت غير مقتنع؟ فقط جرب الروبرك في المرة القادمة التي تقوم فيها بتقييم مشروع أو ورقة عمل أو مقال....إلخ، ويمكنك أن تسهل عملك من خلال استخدام المواقع المخصصة لذلك، مثل موقع Roobrix، والذي يجنب المعلمين تجنب أخطاء الجمع وتنظيم العلامات بالتساوي حينما يعملون على الروبرك، يمكنك فقط أن تحدد المستويات، عدد المعايير، والدرجة الدنيا للنجاح، ويعطيك الموقع القدرة على تحديد علامة كل طالب بغطة زر، وما أن ترى بعد ذلك أن التغذية الراجعة التي تقدمها لطلابك قادت لتطور في أعمالهم الدراسية، أعدك أنك لن تتراجع عن استخدامها بعد ذلك.


كاتبة المقال: Sarah Wike Loyola
العنوان الأصلي للمقال:








بناء روبرك أصيل للتعلم من خلال الصنع

$
0
0
بيداجوجيا الصنع أو التعلم من خلال الصنعPedagogy of making ، هي حركة تربوية معاصرة واتجاه سائد في الآونة الأخيرة، ويقوم على أن الطلاب من خلال صنعهم لمشاريع مختلفة، قادرين على الفهم بشكل أعمق والتعبير بشكل إبداعي عن معرفتهم، وفي نفس الوقت اكتساب مهارات حل المشكلات وبناء فريق العمل والتواصل، بالاضافة للمهارات اليدوية والتعامل مع الخامات المختلفة، وتعبر عن نفسها في العالم الغربي تحت أسمMaker Movement

ويتناول هذا المقال أحد الجوانب الهامة في تقييم التعلم من خلال الصنع، وكيف يقوم الروبرك بتقديم حلولا إبداعية وتطويرية لكل من عملية التعليم ذاتها، وكذلك تقييم الطلاب.

بناء روبرك أصيل للتعلم من خلال الصنع

Creating an Authentic Maker Education Rubric

بينما يتحمس العديد من المعلمين لحركة الصنع، وربما للمشاريع القائمة على الإبداع لصفوفهم، يبقى التقييم محيرا حتى للأساتذة ذوي الباع والخبرة، كيف يمكن للمعلم إثبات أن قد حدث تعلما عميقا وثريا من خلال الصنع؟ كيف يمكن تبرير تدرج العلامات للطلاب، وكذلك الأهالي، وبصفة خاصة للطلاب غير المميزين في الجوانب الفنية؟ من خلال صياغة روبرك ثلاثي المراحل لتقييم كلا من العملية (الاجراءات) والفهم والمنتج، يمكن للمعلمين يتأكدوا مرتاحين من أنهم غطوا كافة الجوانب.

الجزء الأول: العملية (الاجراءات):
لابد من أن تكون عملية الصنع ذاتها والاجراءات التي يقوم بها الطالب في الصف جزءا من العلامة النهائية، هل الطالب انخرط بشكل كلي في عملية التعلم؟ هل استخدم وقته بحكمة؟ هل يحضر إلى الصف جاهزا بالبحوث والمواد اللازمة؟
كجزء من مشروع في مدرستي العامة للصفوف العليا، قام الطلاب بتجهيز نموذج مصغر للجزء الأدنى من مانهاتن Manhattan تمهيدا لمحاكاة للأزمات المتوقعة وإدارتها، يجب على كل فريق استكمال البحث حول البنية التحتية في هذه المنطقة ليمتلكوا المعرفة اللازمة للبناء، لتخفيف قلق معلمي الدراسات الاجتماعية حول تقييم هذا الجزء، طلبت منهم التقاط صور وفيديو للطلاب أثناء العمل، وهو ما أعطاهم تسجيل لانخراط كل طالب على حدة خلال أيام العمل المختلفة، والتي يمكن أن استخدامها كمصدر في التقييم النهائي للمشروع



الجزء الثاني: الفهم (الاستيعاب)
يجب على الطلاب أن يظهروا استيعابهم للأدوات والمواد الخام، هل أدرك الطلاب طبيعة وخصائص المواد المختلفة المستخدمة؟ هل عالجوها ببراعة واستخدموها بشكل مناسب؟ الطالب الذي يستخدم المعادن ويثنيها لعدة مرات حتى تنكسر  على سبيل المثال يظهر عدم فهمه بطبيعتها، حينما تقضي عدة أيام في صف يقوم بالصنع، ستدرك أن التنظيف بعد كل مرحلة، وكذلك اتباع تعليمات الأمان لا يقلان أهمية عن باقي العمليات.
هل عامل الطلاب المواد والأدوات والفضاء المتاح باحترام؟ هل راعوا ابتكارات واجراءات الآخرين؟ خلق فضاء آمن في صف الصنع، بكلا المعنيين الحرفي والمجازي، سيسمح لطلابك بتجربة أفكار غير مألوفة، وبناء ثقتهم الإبداعية، بينما السلبية أو الممارسات غير الآمنة ستمنعهم من ذلك.

عادات العقل:
كجزء من علامة الاجراءات، ستحتاج أن تقيم عادات العقل لطلابك، ما الذي يحدث حينما تواجه الطالب مشكلة؟ هل يبرز اصراره وعزمه في مواجهتها أم ينسحب؟ ابقاء الطالب في حالة من الوعي لردود أفعاله تجاه المشكلات، وكذلك كيف يتصرفون خلالها تساعد في تكوين عامل هام، ألا وهو المرونة.
الطلاب الأكبر عمرا يمكنهم تصوير مشاريعهم باستمرار، مما يساعدهم  على متابعة كفاحهم وتسهيل التأمل الذاتي، والتقاط المراحل المختلفة لشخصياتهم، كل طالب يافع سيكون مطلوب منه  الإجابة عن أسئلة أسئلة مثل:
·        ما المشكلة التي واجهتني؟
·        كيف تصرفت حينما لم تعرف كيف تتصرف؟
·        ما الذي ستقوم به على نحو مختلف في المرات القادمة؟
جعل الطلاب واعين باختياراتهم وتصرفاتهم في هذه المواقف تمكنهم بشكل عام وتساعدهم في المرات القادمة التي يناضلون فيها، معرفتهم بأنك ستقيم استعدادتهم سيشجعهم على تقبل المخاطرة، شجعهم على فحص أفكارهم وتكرارها بعد التعديلات، مثل هذه التدريبات تساعد على تنمية عقليتهم الابتكارية، وبالتالي سيشعرهم ذلك بالثقة والاطمئنان في مواجهة تلك المواقف الحرجة، حينما لا يعرفون ما هو التصرف الصحيح.

قصة الفهم.
يجب أن يقوم الروبرك بتسجيل وتقييم الفهم الحاصل نتيجة لاجراءات الصنع، ابدأ بالتساؤل حول ما المعارف والخامات التي ترغب بأن يستوعبها الطلاب خلال المشروع.

في النهاية، ما مشاريعهم إلا تعبير فني عما أكتسبوه وتعلموه، ويجب أن يتم تقسيمها وتحليلها بنفس الطريقة المستخدمة مع الأعمال الحرفية الواقعية، اطلب منهم أن يحكون لك قصة فهمهم:  هل ساعدهم جمع الأشياء المادية مع بعضها في إدراك العلاقات المعقدة بين أجزاء وعناصر المعرفة الكامنة وراء المشروع؟ هل تكونت عندهم لحظة الأشراق aha moment؟ (هي تلك اللحظة التي يتمكن فيها الإنسان من جمع أجزاء مشكلة أو موضوع في عقله ويتمكن من إدراك الحل أو رؤية الشيء في كليته كما لو أنه بزغ في عقله كفكرة إبداعية) عادة ما أطلب من طلاب كتابة تأملاتهم أو تقديم عرض لمشروعهم يبررون من خلاله اختيارهم لخامات معينة والشكل الذي اختاروه، للتأكد من أنهم حقا كانوا يعرفون ما يريدون.

لماذا اختاروا هذه الخامة تحديدا؟ ، لماذا اختاروا هذا الشكل بالذات، ثنائي أو ثلاثي الأبعاد على سبيل المثال، لتوصيل أفكارهم؟ لا تتفاجيء حينما تجد أنه حتى الطلاب الأصغر قادرين على مشاركة أفكارهم مع الصف شفهيا.

الجزء الثالث: المنتج
أخيرا، نجد أمامنا المنتج بحد ذاته، يجب أن يراعي التقييم هنا الحرفية وجمال المنتج:
·        هل العمل اليدوي قلل من قيمة المشروع بدلا من اثرائه؟
·        هل تعامل الطلاب مع الخامات بنجاح؟
·        هل يمكن للمشاهد أن يلاحظ تفاصيل سيئة الصنع أو  عدم التقان في الانجاز؟

بالنسبة للطلاب التي مازالت قدرات الصنع عندهم في طور البزوغ، فإن الكتابة التأملية ستساعد في توضيح نواياهم، بينما الصفوف الأعلى والمفترض أن تكون اكتسبت قدرا من الحرفية في العمل، فيجب تشجيعهم على التركيز على المعالجة البارعة للخامات والتمكن الإبداعي منها.

في مشاريع الصنع الناجحة، مثل مشروع وحدة التأهب للكوارث الذي عملنا عليه في مدرستنا، قام الطلاب بإبداع منتج يستعرض استيعابهم لمفاهيم معقدة، ومن خلال صياغة روبرك يتضمن كلا من : الاجراءات والفهم والمنتج، يمكن للمعلمين بنجاح تحديد التعلم الناتج من خلال الصنع وتقييمه.

نموذج للرزوبرك المستخدم: اضغط هنا

كاتبة المقال: Lisa Yokana
العنوان الأصلي للمقال:


إلهام الكتابة الإبداعية العميقة من خلال الفن

$
0
0

إلهام الكتابة الإبداعية العميقة من خلال الفن
Inspire Thoughtful Creative Writing through Art

قبل عدة سنوات قمت بعرض لوحة "تيار الخليج"لونسلو هومر  The Gulf Stream by Winslow Homerعلى طلاب الصف السادس، لوحة ملحمية لبحار أسود يافع في مركب صغير محطم، يحيط به أسماك القرش الضارية والأمواج العملاقة، بينما عاصفة جبارة تلوح في الأفق، سألت طلابي سؤال بسيط "ما الذي يحدث؟"، تراوحت الاجابات من "عبد يحاول الهرب"إلى "بحار تائه في اليم"، إلا أنه سادت نغمة مشتركة في الإجابات، لقد ركز معظم الطلاب على سلامة البحار، "يبدو القارب متزعزع، أظن أنه سيمسي طعاما للأسماك"، تلك كانت لازمة في إجاباتهم، إلا أن فتاة خجولة هادئة رفعت يدها وقالت "الأمور على ما يرام، سيصبح بخير...السفينة ستنقذه" 
The Gulf Stream by Winslow Homer.

ساد الصمت في الغرفة، وكل من فيها يحملق في الرسمة، حتى أنا نظرت عن كثب قبل أن أسأل "عن أي سفينة تتحدثين؟"، مشت الفتاة الصغيرة إلى اللوحة وأشارت إلى الركن الأيسر الأعلى، وعلى الرغم من تماهيها في الأفق الضبابي، كانت هناك سفينة بكل تأكيد.

غير هذا الاكتشاف نغمة ومحتوى النقاش، فبينما رأي البعض أن السفينة من شأنها أن تنقذه، فإن البعض الآخر  خمن أنها السفينة التي ألقته في اليم ليواجة مصيره المحتوم، أيهم سيقضي عليه أولا..أسماك القرش أم العاصفة أم السفينة؟، الجزء الأفضل في النقاش هو الاستماع إلى تلك الآراء الإبداعية المتباينة، حتى أن بعض الطلاب انخرطوا في الجدال، القصة المكتوبة التي تم انتاجها كنتيجة لتحليل هذه الصورة اتسمت بالروعة.
منذ تلك الخبر، قمت بتطوير العديد من الاستراتيجيات التي تعمد إلى توظف مهارات الملاحظة والتحليل والكتابة من خلال دروس الفن التي أقدمها.

يقوم الأطفال بدمج الأفكار والصور والكلمات قبل اتقانهم للكتابة بفترة طويلة، هذا الفعل لاقتناص المعنى ضمن أنظمة رمزية متعددة ومن ثم أرجحته من وسيط إلى آخر، تدعى "عبر وسائطية"Transmediation (العملية التي يتم من خلالها نقل فكرة بين وسائط مختلفة،حيث يتم توظيف أكثر من وسيط حسي، وتبقى العلاقات بين العناصر مرتبطة ارتباطا داخليا، لتشكل ما يشبه شبكة علاقات بين المفاهيم والتعبيرات الحسية لها)
حينما يتم استخدام الفن في الصف، يقوم الطلاب بنقل هذا المحتوى البصري، وإضافة أفكار ومعلومات جديدة من خبراتهم الشخصية، ليخلقوا سرديات (روايات) جديدة تماما.

ويمكن مساعدة الأطفال على توليد الأفكار وتنظيمها والتواصل بفاعلية، من خلال عملية ثلاثية الخطوات: لاحظ، ترجم، وابدع.

الخطوة الأولى: لاحظ
اطلب من الطلاب أن ينظروا بحرص ويلاحظوا الصورة، هذا أمر أساسي للكتابة العميقة، احرص على ذلك عندما تنتقي القطعة الفنية التي ستعرضها في صفك، ابحث عن صورة تتميز ب:

·        تفاصيل عديدة: إذا ما كانت صورة بسيط، فليس هناك ثمة الكثير ليتم تحليله.
·        الشخصيات: من الضروري وجود أشخاص أو حيوانات للكتابة عنهم.
·        الألوان: احرص على أن توكن الألوان معبرة عن حالة مزاجية ما.
·        العلاقات المكانية: ما العلاقة بين خلفية الصورة ومقدمتها؟

قد طلابك خلال الصورة، "لقد أحببتها"لا تعد هذه هي الإجابة التي نبحث عنها، اطرح الأسئلة التي من شأنها أن تقود النقاش، شجع الاجابات المتباينة، تحداهم، جرب أسئلة مثل:

·        ما الأشكال التي تراها؟ بم تذكرك؟
·        ما الألوان التي تراها؟ بم تشعرك؟
·        ما الأنماط أو القوالب التي تراها في الصورة؟ كيف تشكلت؟
·        هل ترى أي مواد أو أنسجة غير معتادة في الصورة؟ ماذا تمثل؟
·        ما النقطة المحورية في الصورة؟ كيف تظن أن الفنان جذب انتباهك إلى هذه النقطة المحورية؟
·        كيف قام الفنان خلق انطباع (تصور) الفراغ في الصورة؟ (المسافات والعلاقات بينها)
·        إذا كنت تعيش في هذه الصورة، ماذا سترى إذا نظرت حولك؟
·        إذا كنت تعيش في هذه الصورة، ماذا ستشم، ماذا ستسمع؟
احرص على أن تكون اسئلتك لها اجابات مفتوحة، وسجل ما يقوله الطلاب لتتمكن من العودة إليها في وقت لاحق، حدد الافتراضات وتحداها، في هذه المرحلة، لا حاجة لنا بالاستدلالات والأحكام..فقط ملاحظات

الخطوة الثانية: حلل المحتوى الفني وطور الاستدلالات
ما أن يناقش الطلاب ما يروه، يمكنهم الانتقال إلى إجابة السؤال "ما الذي يحدث؟"، يجب أن يستنتجوا إجاباتهم من الصورة، واعطاء أسباب محددة لهذه التفسيرات.

عندما كنا نستعرض لوحة "تيار الخليج"، على سبيل المثال، قال أحد الطلاب "العاصفة قد مرت بالفعل وها هي تبتعد، يمكنك أن تحكم بذلك، لأن الرجل على القارب الصغير  ممزق، كما أن الصاري مكسور"، هذا ما نطمح إليه في اجاباتهم، تفكير عقلاني بناء على استدلالات من البيانات في الصورة، لا يجب أن تتشابه اجابتين، ويمكن ان تكون كلها صحيحة طالما دلل الطالب على تفسيره بتفاصيل من الصورة بطريقة متماسكة، حينما يقوم الطلاب بالتعبير عن ارئهم بناء على المنطق وهذه التفاصيل، فإنهم يقومون بتحليل القطعة الفنية واستخدام مهارات التفكير الناقد.
إليك مجموعة من النصائح، لتقدم نموذج على محادثات ناضجة حول الفن:

·        اعطهم وقتا كافيا، عادة ما نكون على عجل مما يمنع الطالب من التفكير والتأمل بعمق.
·        اطلب من الطالب أن يستمع لأفكار الآخرين ويعمل تفكيره فيها ويتفاعل معها.
·        لتكن اسئلتك قصيرة وفي الصميم.
·        سلط الضوء على تفاصيل محددة ليأخذوها بعين الاعتبار أثناء التحليل (شخصيات، تعبيرات الوجوه، الأشياء أو الأجسام، توقيت اللوحة، الطقس، الألوان.....)
·        وضح المعاني الحرفية والرمزية (شبكة العنكبوت ربما هي مجرد شبكة عنكبوت في اللوحة، إلا أنها قد ترمز لفخ على سبيل المثال)

الخطوة الثالثة: ابدع
ستجد أن الطلاب مشحونون بالأفكار، بعد كل تلك الملاحظات والنقاشات العميقة، يجب أن سقوموا باستخدام تفاصيل من الصورة في دعم أفكارهم، في كل أنشطة الكتابة التالية، وإليك بعض الطرق التي يمكن من خلالها الاستجابة لقطعة فنية:

للطلاب الأحدث سنا:
·        حدد واشرح الأشكال والأنماط.
·        اشرح توقيت اللوحة والحالة المزاجية في اللوحة.
·        قدم رسما تخطيطيا يشرح الشخصيات بالتفصيل (قد تكون الشخصيات أناس أو حيوانات أو حتى جمادات)
·        اكتب قصة بناء على هذه اللوحة، موظفا شخصية جديدة تماما.
·        ادعم الطلاب بمفردات محددة يجب عليهم توظيفها في قصتهم.

للطلاب الأكبر عمرا:
·        اكتب المعنى المحتمل للوحة ثم بادله مع زميلك، اقنع شريكك أنها القصة الصحيحة بناء على تفاصيل في اللوحة.
·        حدد الشخصيات ودوافعها، من هم وماذا يريدون؟ اشرح كيف عرفت ذلك من خلال تفاصيل العمل.
·        ادع أنك في اللوحة، اشرح ما تراه وتشمه وتسمعه وتشعر به.
·        اشرح التفاصيل خارج هذه اللوحة، التي لا نستطيع أن نراها.
·        ادخل حوارا في قصتك، ماذا يقولون؟
·        قدم تسلسلا للأحداث في قصتك، ماذا حدث قبل خمس دقائق من المشهد الماثل في اللوحة، ما الذي يحدث الآن، وما الذي سيحدث بعد خمس دقائق؟ كيف تأتى لك أن تعرف؟
·        اكتب من منظور واحد من الشخصيات الواردة في اللوحة.
·        وضح من هو بطل القصة ومن هو خصمه، ما الصراع بينهما؟

التفكير والتواصل:

لا نعرف ما الذي يخبئه المستقبل لطلابنا، إلا أننا نعرف أنه سيتحتم عليهم التفكير النقدي وبناء علاقات والتواصل بوضوح في حياتهم القادمة، يمكن للفن أن يساعدهم على ذلك، خلال حفل التخرج لهذا العام بكلية سارة لورانس Sarah Lawrence College، صرح فريد زكريا Fareed Zakaria (صحفي ومحرر أمريكي مسلم من أصل هندي):
"إن فعل الكتابة هو ما أجبرني أن أبحر في تلك الأفكار، واتفهمها"

يمكن للفن أن يكون ذلك الخيط الناظم الذي يساعد الطلاب على تنظيم أفكارهم وإنتاج كتابات عميقة ومتماسكة.

كاتبة المقال: Denise M. Cassano
العنوان الأصلي للمقال:


سبع مهارات قيادية تدعمها التربية الفنية

$
0
0
سبع مهارات قيادية تدعمها التربية الفنية
7 Leadership Skills Fostered in Arts Education

حالفني الحظ في صفوف التربية الفن، أن أعمل مع طلاب متحمسين لمعالجة قضايا معاصرة في أعمالهم الفنية، وسواء بسبب مستوى الأمية في البلاد أو  مما يخبرهم بهم زملائهم في الجامعة، فإن الطلاب يؤمنون بأن الفن هو طريقة عظيمة للتواصل مع مجتمعهم وتوصيل منظورهم عن العالم.
  أمنيتي أن يتم تقدير أعمال الطلاب الفنية من قبل المدرسة والمدارس الأخرى في كل مكان، وأن تدرك الامكانيات القيادية التي تكشفها، سؤال يجب أن تضعه في حسبانك كتربوي: هل يمكن أن ننظر إلى الفن من زاوية تطوير المهارات القيادية عند الطلاب؟

إعداد الطلاب للحياة والقيادة
أؤمن أن الطلاب العاملين في الفنون يتم تطويرهم من خلال تعليم جدي، من شأنه تطوير مدى واسع من المهارات القيادية، فبالاضافة للمهارات العامة مثل التنظيم والالقاء (الخطابات العلنية)، يمكن تعليم الفن الطلاب من مهارات أخرى تشجع الطالب على تقبل المخاطرة، والمساعدة في اعدادهم ليصبحوا قادة جسورين.
القيادة هي أكثر ما نحتاج إليه عندما نواجه مشكلة معقدة أو خبرة جديدة لا يوجد تصور حول التعامل معها، من الخطأ أن نظن الطلاب مستثنيين من التحديات التي تواجه الكبار، فهم يتناولون من خلال تعليمهم مشكلات معقدة مثل عدم المساواة الاقتصادية أو التغير المناخي العالمي، كما أن لهؤلاء اليافعين أيضا مشاكلهم الخاصة بمرحلتهم العمرية وجيلهم، مثل ضغط الأقران وتكوين علاقات جديدة، والتي يجب أن تكون محل اهتمام كذلك
إنما نحن بحاجة لأفراد مؤهلين بمهارات وقدرات على العمل مع الآخرين بكفاءة وفاعلية، والمضي قدما في قيادة أفكار ومبادرات جديدة، بغض النظر عن الموضوع الذي نعلمه، فمن المهم أن ندعم الطلاب لينموا كأبطال

تعليم الفن وتطوير مهارات القادة
ما هي الفرص المتاحة أمام الطلاب ليصبحوا قادة؟ بالاضافة إلى الأدوار التقليدية مثل الحكومة أو البرلمان المدرسي وقادة الفرق، فإن القيادة تبزغ حينما نشجع الطلاب على معالجة موضوعات كبرى لها انعكاساتها على العالم خارج غرفة الصف، هذا النوع من التعلم التجريبي هام جدا لتطوير مهارات القيادة لدى طلابنا، كما أنه يبث طاقة جديدة في الصف ويحفز التعلم، وما أن نحفز طلابنا على معالجة هذه القضايا الكبرى، فنحن بحاجة لدعمهم بالمهارات اللازمة لمعالجتها بطريقة جادة
الفنون هي طريقة عظيمة لتعليم مهارات القيادة هذه، وبينما تسعى العلوم والرياضيات إلى تحويل معرفتنا بالعالم إلى أرقام وكميات، وتزودنا العلوم واللغات بالأدوات اللازمة لفهمه من زاوية إنسانية، هذه العلوم مبنية على خطاب عقلاني عن العالم كما هو موجود، فإن الفن هو سبيلنا لفهم ما تبقى: مثل مشاعرنا، الأسئلة التي لا نعرف كيف نصيغها، وجودنا الساحر، وتشجعنا على تكوين وجهة نظرنا ازائها،
إليكم سبع طرق يمكن من خلال الفن أن نعطي طلابنا الفرصة لتطوير قدراتهم ليصبحوا قادة عظماء:

1.       الإبداع
بينما ربما تكون هذه أكثر المهارات وضوحا في التربية الفنية، لكن يجب أن نحافظ على تذكير أنفسنا بأن ذلك الإبداع ليس حصرا فقط على أوجه التعبير والجماليات، بل تنطبق أيضا على حل المشكلات، فبينما تشجع العلوم الأخرى على تناول الحلول الإبداعية للمشكلات، فإن الفن يساعدنا في البحث عن الحلول خارج معطيات الواقع، وخارج إطار ما هو متاح، الفنانين هم رواد ابتكار الأفكار والحساسيات الجديدة وتجربتها، هذه الميزة هامة للقادة المثاليين.
2.       تقبل المخاطرة
إذا ما رغبنا حقا في أن يتسم طلابنا بالإبداع، وتحفيزهم لهذه الأفكار  والحساسيات الجديدة، فيجب أن نشجعهم ونكافئهم على تقبل المخاطرة، ولا أبالغ إذا ما قلت أن منح الطلاب القدرة والثقة لتجربة أشياء جديدة وغير تقليدية، هي من أكثر  عوائد التربية الفنية فائدة، فضغط الرفاق يستمر حتى بعد الانتقال إلى عالم البالغين، القادة العظام يسبحون ضد تيار الآراء السائدة والتفكير الشائع حينما يتطلب الأمر ذلك، حتى لو كانت أفكارهم وأفعالهم تبدو سخيفة ومثار للنقد.
تجذب الفنون عادة الطلاب المهمشين، فهم بالفعل خاضوا تجربة تحدي أن يكونوا مرفوضين ومتجنبين، لقد خاضوا تلك العاصفة من قبل ولم يعد يخيفهم أن يكونوا مختلفين ويعتنقوا أفكار جديدة.
3.       تعلم أن تكون نفسك
واحد من التحديات التي تخوضها كقائد هو كما يقولون "وحيدون هم الذين على القمة"، الطلاب الذين يترعرعون من خلال الفن لا مناص لهم من الانطواء على تأمل ذواتهم ومعرفة أنفسهم، مواجهة شياطينهم واستكشاف طاقاتهم الكامنة المميزة بشكل جوهري، وحتى حين نحتفي بالتعاون وجهود الفريق، فإن ذلك يصبح أكثر نجاحا حين يكون كل شخص من المجموعة قد خاض عملية التأمل الذاتي الانطوائية، وحاز معرفته بذاته.
إذا كان القادة قادرين على تحمل المخاطرة والاعتماد على ذواتهم، فإن ذلك سيسهل عليهم اتخاذ قرارات لا تحظى بالجماهيرية، وهذا هو عادة التعريف الدقيق للفنان، كما تتجسد في شخصيات الفنانين العظماء
4.       استيعاب قوة الرموز والأساطير
نشجع الطلاب في صفوف الفن على التعامل مع الرموز الأيقونية والأشكال والنماذج الأصلية، مما يمنحهم القدرة على فهم تأثير تلك المفردات البصرية في الثقافة الإنسانية، القادة العظماء كذلك يعرفون كيف تؤثر الأساطير والرموز في فهم الأفكار  المعقدة، والتي لا يمكن التعبير عنها بصور أخرى.
تعد القدرة على الاستفادة من الرموز والأساطير  حاسمة بالنسبة للقادة، ولها جوانبها الشعرية والجمالية، (مارتن لوثر كنج على سبيل المثال)، الرسامون والشعراء والموسيقيون لديهم حس قوي بما يمكن أن يحركنا ويصيغ مشاعرنا، وتطوير هذه القدرة من شأنها أن تساعد الطلاب القادة على التعلم والسيطرة.
5.       مهارات الملاحظة
القادة العظام لديهم القدرة على تحسس الحالة المزاجية والاتجاهات في العالم حولهم، وفي التربية الفنية، نشجع الطلاب على الملاحظة الثاقبة، كذلك فإن الطلاب الانطوائيين والميالين إلى الفن هم بالعادة ملاحظين مهرة، ويجب على المعلمين رعاية هذه الهبة الطبيعية ومواصلة تطويرها لدى الطلاب في كل فرصة ممكنة، يجب علينا كمعلمين أيضا أن ننتبه إلى الدور الهام الذي يلعبه عادة الطلاب ذوي القدرة على الملاحظة، والعمل على تنمية هذا الدور، ونقله إلى الآخرين من خلال تعبيراتهم الإبداعية
6.       تخطيط المشاريع
تخطيط المشاريع هي واحدة من أهم السمات النفعية (البراجماتية) التي تتحقق من خلال التربية الفنية، حيث يتم تشجيع الطلاب في مجال الفنون على الالتزام بمشاريعهم الفنية واعطائها الاهتمام الكافي، والتي قد لا تظهر نتائجها إلا بعد عمل لأسابيع أو لشهور أحيانا، بالاضافة إلى توظيف استراتيجيات مثل التصميم العكسي، تحديد الأهداف، تطبيق استرتيجيات فعالة، مهارات تخطيط المشاريع تطور الشخصية و الجلد في طلابنا بقدر معرفتهم بما يتطلبه المشروع الفني من التزام على المدى الطويل
7.       التعاون والاعتماد المتبادل
ما من مقرر دراسي يثمن الأصالة في العمل بقدر التربية الفنية، إن تخصصنا يقرر أن الرجوع إلى أساطين الحرفة ومحاكاتهم هو جزء من عملية التعلم، ويساعد التعلم ممن سبقوك على تقبل التعلم والعمل ممن هم حولك، هنا فإن فكرة الغش أو النسخ قضية، حيث يعي الطالب أن ما يميز كل فرد هي فروق وهمية أو باهتة، حيث العمل الجماعي يطور من قدرات كل أفراد الفريق، من حيث استراتيجيات العمل أو الاعتناء في التفاصيل أو طرق التعبير، إن ما تنميه التربية الفنية من القدرة على أن ترى نفسك في الأخرين، وأن تتعلم وتعمل مع الآخرين، هو مفتاح لفهم جوهر القيادة، ومهارة يجب أن نعمل على تشجيعها والبناء عليها في صفوفنا.
كاتب المقال: Stacey Goodman
العنوان الأصلي للمقال:




توظيف الفنون البصرية للتفكير الناقد

$
0
0

توظيف الفنون البصرية للتفكير الناقد

Visual Art as Critical Thinking


بدأ اهتمامي بالمسرح الموسيقي من مرحلة ما قبل المدرسة، وانتهيت إلى أن أصبحت الموسيقى كمحور اهتمامي، فشاركت في الجوقة (الكورس الغنائي) في المرحلة الأعدادية والجامعة بحماس، وخلال معاناتي إحباط فترة المراهقة  كانت الموسيقى هي ما أبقاني في المدرسة، استمررت في الغناء في الجامعة، حيث قدت فرقة موسيقية جامعية، كما شاركت في فرقة جاز شبه محترفة، ولما أصبح جدولي من الازدحام بما لا يسمح لي بالغناء بشكل منتظم، فعلى الأقل قد واظبت على حضور حفلات الكاريوكي karaoke، أظن أن للكثسير منكم خبرة مشابهة، حيث يظل للفن جزءا مهما من وجودنا، هذه القصص وحدها تكفي لكي نقول "نعم"للتربية الفنية.

إلا أن دفاعي عن أهمية التربية الفنية لا يقتصر على هذه الحجة فحسب، فالفنون البصرية (كما سائر الفنون) هي مجال ممتاز لبناء مهارات التفكير النقدي وتوظيفها، لا أعتقد أننا عادة نقدر عمق التفكير المفاهيمي والتفسيري المستخدم في إبداع قطعة فنية، وهو ما يرجع للفصل بين الفن من جهة ومحتوى المواد الدراسية الأساسية من جهة أخرى، لا يجب أن تكون المدارس على هذا الحال، في الحقيقة لقد اطلعت مؤخرا على طريقتين ممتازتين يمكن للفن من خلالها أن يلتحم بالمحتوى الصارم للمقررات الأساسية، ليسمح بالتعبير والإبداع.

لقد تشرفت بزيارة مدرسة  High Tech High and Middleالثانوية في سان دييجو  San Diego، وكان أول ما لاحظت هو  أن الفن عنصر فعال في ثقافة المدرسة، سواء في العمل خلال الفيزياء أو  لابتكار  طريقة لتصميم السيرة الذاتية تتلاءم مع القرن الحادي والعشرين، حيث يعتنق المعلمون الفن كجزء من ثقافة الدراسة.


ويحكي المعلم كريس ييدا Chris Uyeda عن مشروع طلبته الأخير عن الكيمياء، أخبرهم أن الصورة الدارجة عن الذرة خاطئة، وطلب منهم تطوير فكرة لعرضها بشكل أفضل بناء على دراستهم لمفهوم الذرة، إن دراسة الكيمياء عموما والذرة بشكل خاص تتطلب تفكير مفاهيمي عميق، وهو ما كان يصعب على بعضهم، لذلك وجد كريس في الفن فرصة للطلاب ليمارسوا التفكير الناقد في المحتوى العلمي، ويبتكرون فطعا فنية جذابة في نفس الوقت، الصورة في الأسفل قام أحد الطلاب بتخيلها للذرة مستوحيا إياها من خلية النحل، الفن هو طريقة عظيمة لأحداث الألفة بين الطلاب ومحتوى الدراسة بشكل نقدي، وهو ما سيحتاجونه لاحقا خلال دراستهم للمقرر والمقررات الأخرى.



أحد زميلاتي، ديانا لور Dayna  Laur، معلمة العلوم الإنسانية تعاونت مع معلمة الفن كاثلين ولفجانج Katlyn Wolfgangللدمج بين دراسة الفن والسياسة، السؤال الموجة لهذه التجربة هو "كيف يمكن للفن أن يعكس للعامة أجندات صانعي السياسات؟"وخلال الإبحار في ذلك، كان على الطلاب أن يتعاونوا خلال الحصص لابتكار قطع فنية تنقل الرسالة.
لم يتوقف الأمر على بناء علاقات بين الفن وموضوع الدراسة، لقد كان على الطلاب أن يوظفوا مهارات التفكير النقدي لفهم المعلومات والفروق الدقيقة في السياسة العامة، ولكن أيضا ليركبوها في قطع فنية تحمل رسائل مقنعة، لقد قام الطلاب بالبحث خلال التشريعات والمعلومات عن الخلفيات التاريخية والسياسية والاقتصادية لها، والعديد من المصادر ذات العلاقة بصنع السياسة العامة، ولم ينتقلوا مباشرة إلى بناء القطع الفنية، بل كان يجب عليهم مقارعة المحتوى النقدي للدراسات الاجتماعية والسياسية قبل ذلك.

يمكن التعرف أكثر على هذه التجربة من خلال هذا الفيديو.

أعزائي المعلمون، إن مهمتكم هي إيجاد السبل لدمج الفن في مقرراتكم الأساسية، واستخدام الحوافز الإبداعية لطلابكم لايجاد أهداف جديدة لتفسير المحتوى الدراسي وإعمال التفكير النقدي والمفاهيمي خلاله وحوله، هذا الدمج يمكن استخدامه في أي مادة دراسية، وهنا سيتم تقدير الفن ليس كشيء مستقل ولكن كجزء من ثقافة المدرسة، يجب أن يتم تقدير الفن كجزء من دراسة المواد الأساسية كما هو مهم كمادة مستقلة أيضا ، وبالاضافة لكون الفن مثريا لحياة الطلاب وشخصياتهم، يمكن أن يساعدهم على الإنخراط في المقررات الدراسية.

كاتب المقال: Andrew Miller
عنوان المقال الأصلي:




كلنا فنانون

$
0
0
كلنا فنانون
We Are All Artists

اتذكر المرة الأولى حينما وضعت الفرشاة في يد ابنتي ذات السنتين، كانت تسبح على طرف مقعدها الأحمر  أمام طاولتها الخشبية الصغيرة، وسرعان ما أدركت أن بامكانها استخدام عصير التوت في كأسها لتخط أولى شخبطاتها الفريدة على الورق، كم كان ذلك ملهما ومشجعا لي، أن أرى ابنتي تحفز كل طاقتها لتستكشف امكاناتها الجديدة، بكل تركيز  واستغراق.

الأطفال يفتنون بقدرتهم على ابتكار أشياء جديدة تكتسب وجودا مستقلا عنهم، إن بهجة الإبداع لا يحدها عمر، ولكن للأسف مازال هناك من الأطفال من يكبرون وهم مقتنعين أنهم يفتقرون للمهارات الإبداعية، ويبدأون في التمسك بعبارات مثل "أنا لست مبدع"أو "أنا لا أستطيع أن أرسم".

إن الصفوف الدراسية هي المكان الذي يجب أن يرعى أشكال مختلف من الإبداع ويحارب تلك المقولات الزائفة الخاصة بقصور الإبداع على قلة من الأطفال، يمكن صياغة التعلم بالشكل الذي يجعله بوابة لاكتشاف الطلاب للإبداع في ذواتهم، إن الإبداع والخلق هي مكملة للبهجة والبحث والتحليل والتعبير والهوية.

ست استراتيجيات لدمج الفن في التعلم:
إليكم هذه المجموعة من الاستراتيجيات السهلة التي يمكن لكل معلم أن يستخدمها ببساطة خلال دروسه، ولا تحتاج إلى تكلفة مادية ولا تستغرق وقتا أكثر من المخصص لدرس، وتساعد على رعاية أشكال مختلفة من الإبداع في الصف:

1.       التعبير عن نصوص أو أفكار باسكتشات (رسم تخطيطي) سريعة
في بعض الأحيان بعد قراءة قصدية ما معا، سأطلب من كل طفل أن يرسم سريعا أول فكرة تخطر على عقله، كوسيلة لكي نبدأ نقاشنا حول القصيدة.
2.       التعبير الجسدي عن الأفكار والمشاعر
عند قراءة نص مؤثر، يمكن أن تقوم كل مجموعة بابتكار سلسلة من التماثيل الجامدة أو التابلوهات الفنية بأجسادهم، لتوصيل أفكارهم، بعد ذلك تقوم كل مجموعة بعرض تجسيدها الفني أمام الصف كله.
3.       الكتابة الإبداعية من منظور مغاير
يمكن أن نطلب من كل طالب أن يعيد صياغة الدرس بلغة شعرية او نثرية، سواء كان مقالا أو قصيدة أو خطاب أو خطبة لشخصية تاريخية
4.       ابتكار تعبيرات فنية على صفحة
يشعر بعض الطلاب بالسعادة حين يقومون برسم خشصية من قصيدة أو رواية، بينما قد يبدع آخرين بأستخدام الرموز والأشكال للتعبير رمزيا عنها، مرفق مجموعة من الرسوم التي قام بها طلابي، تمثل مدى واسع من التعبيرات البصرية عن دروسهم
5.       تحويل الصف إلى جوقة (كورس غنائي) أغريقية
دور الجوقة في المسرح الأغريقي كان ملاحظة الأفعال خلال المسرحية والتعقيب عليها، بعض النصوص تستدعي أن نقوم بتلك الاستجابة الإبداعية اللحظية في غرفة الصف، أكلف مجموعة من الطلاب بالقراءة التمثيلية (التعبيرية) للمشهد، ثم أوقف المشهد وأطلب من الطلاب للتعليق و/أو تقديم النصيحة، قبل استكمال القراءة مرة أخرى.
6.       استخدام الفن لتقديم أفكار ومفاهيم
يمكننا، كما قمت بذلك مرات عديدة، أن نجد العديد من الأشكال الفنية التي تساعدنا على تقديم أفكار جديدة للطلاب، لتعمل على تسهيل فهمهم واستثارة استجابتهم الإبداعية لأعمال عاطفية وعقلية، وهناك العديد من الفنانين والأعمال الفنية التي يمكن أن تشكل إلهاما ممتازا لمشاريع الطلاب واستقصائاتهم.

التدريس كممارسة إبداعية

تسمح الفنون للطلاب بالخوض بكل سهولة وعمق إلى الأفكار الكبرى، واستكشاف طرق جديدة للتفكير والحياة، كما تساعدهم في التغلب على ذلك التقسيم المزعوم بين المواد والموضوعات المختلفة، الذي توجده المدرسة، أؤمن بعمق بقوة الفنون ومبدأ الإبداع الفطري، مازلت أمسك نفسي متلبسا بالانسحاب من تجارب مهمة أو الاستماع إلى الهواجس المثبطة، إلا أنني استخدم تلك اللحظات لتذكيري أن أحيا ما أؤمن به وما أدرسه.

وبالاضافة لممارسة فن التدريس، أهدف إلى أن أحيا مغمورا في الإبداع والخلق والآداء، ادفع نفسي باستمرار لأكون متعلما ومبدعا جنبا إلى جنب مع طلابي ، ارسم حين يرسمون، اشاراك في ادائهم لتماثيل أو لوحات فنية، اشاركهم الخبرات والأفكار باستمرار، التعبير والإلهام يمكن أن يكون لغة مشتركة للتعلم واستكشاف العالم، إن بهجة الاستكشاف والتعبير يجب أن تكون حقيقة لنا كلنا، بغض النظر عن العمر.

الكاتب:  Joshua Block
العنوان الأصلي للمقال:


خمس عشرة سمة لمعلم القرن الحادي والعشرين

$
0
0


خمس عشرة سمة لمعلم القرن الحادي والعشرين
15 Characteristics of a 21st-Century Teacher

تؤثر التكنولوجيا الحديثة في العديد من مجالات حياتنا، مثل طرق تواصلنا وتعاوننا، وبالطبع كذلك طرق تدريسنا، ويأتي مع ذلك التوسع الهائل في مفرداتنا وما نتج عنه في تعريفات جديدة مثل "المواطن الرقمي"و"المهاجر الرقمي"، وكذلك موضوع المقال: معلم القرن الحادي والعشرين.

حاولت خلال كتابتي للمقال أن اتذكر إذا ما كنت قد سمعت من قبل عبارة مثل "معلم القرن العشرين"أو "معلم القرن التاسع عشر"، وبالاستعانة بمحرك البحث جوجل Googleصدق حدسي، ما من شيء كهذا، أما تغيير العبارة من القرن العشرين إلى القرن الحادي والعشرين فيؤدي لنتيجة مختلفة تماما، مدرسة القرن الحادي والعشرين، تربية القرن الحادي والعشرين، معلم القرن الواحد والعشرين، مهارات القرن الحادي والعشرين.....إلخ، ومن ثم انتقلت للبحث عبر تويتر Tweeter  وموقع أمازون للكتب  Amazon books، وأعطت بالمثل نفس النتيجة، ما من شيء عن تعليم القرن العشرين، وفيض من العناوين عن التعليم والتعلم في القرن الحادي والعشرين.

إذا من الواضح أن التعليم في القرن الحادي والعشرين هو ظاهرة مختلفة كليةً، لم يحدث من قبل أن يتسع نطاق التعليم كما هو حادث الآن، في كل زمان ومكان، وعن أي موضوع قد يخطر ببالك، مدعوما بكل الوسائل الممكنة لتحاكي طبيعة تعلم كل شخص، لكن ماذا يعني أن تكون معلما للقرن الحادي والعشرين؟

إليك خمس عشرة سمة لمعلم القرن الحادي والعشرين:

1.       الصف المرتكز على المتعلم والتدريس التفريدي
لم يعد هناك مجال لتلقين المعلومات، حيث يمتلك كل الطالب الفرصة للولوج إلى المعلومات، أو التدريس وفق أسلوب "محتوى واحد يلائم الجميع"، للطلاب شخصيات وأهداف وحاجات مختلفة، وتقديم تدريس متفرد هو أمر ممكن بل وضروري كذلك، عندما يكون متاح للمتعلم أن يختار فإنه يشعر بتملكه للتعليم، مما يزيد من دوافعه ومجهوده، تلك وصفة ممتازة لمخرجات تعلم أفضل.
2.       المتعلم كمنتج.
يمتلك طلاب اليوم الأدوات الأحدث والأعظم، إلا أن استخدامها في الأغلب لا يتجاوز التواصل مع الأصدقاء والأهل، كتابيا أو  عبر المحاثات، وعلى الرغم من أنهم  مواطنين رقميين، إلا أن معظمهم مازال بمنأى عن المشاركة في إنتاج أي منتج رقمي.
ومع أنهم يمتلكون أجهزة غالية تتيح لهم إنتاج مدونات، إنفوجرافيك، كتب، فيديوهات تعليمية أو (كيف تصنع كذا) أو (كيف تقوم بكذا) والعديد من المنتجات الرقمية الأخرى، إلا أنهم في الغالب مطالبين أن يطفئوها في الصف والعمل على أوراق العمل والمواد الورقية.
والمحزن، ليس فقط هو أن الطلاب يرمونها بمجرد الانتهاء من الامتحان، ولكنهم حتى غير راغبين في العمل عليها أثناء الدروس، أو الاحتفاظ للعودة إليها فيما بعد، وفي المقابل ما أن تتاح لهم الفرصة فإنهم يقدمون منتجات جميلة ومدونات أو أفلام أو قصص رقمية إبداعية، والتي يفخرون بها وبمشاركتها مع الآخرين.
3.       تعلم التقنيات الناشئة.
لكي تتمكن من تقديم اختيارات للمتعلم، فمن المفيد أن تكتسب خبرة عملية من خلال الممارسة، وبما أن التقنيات تتطور باستمرارـ فإن تعلم أو تعليم أداة واحدة ليس بخيار أصلا، الخبر الجيد أن التقنيات الحديثة هي جديدة على كل من المعلم والمتعلم، ويمكن للفرد اللجوء إليها في أي وقت، يمكن الرجوع إلى أحد المواقع الذي سيبقيك على اطلاع متجدد بالتقنيات المستخدمة في التعليم www.lynda.com
4.       التوجه العالمي
تمكن الأدوات المعاصرة أي فرد من التعلم عن الأماكن والأشخاص الآخرين مباشرة، صحيح أن الكتب مازالت نافعة، إلا أنه ما من خبرة تعدل التواصل مع أشخاص من أماكن أخرى في العالم لتعلم اللغات والثقافات وتطوير مهارات التواصل.
من المخجل في ظل كل هذه الأدوات المتاحة، أن نتعلم عن الأشخاص والثقافات والأحداث الجارية فقط من وسائل الإعلام، في حين أننا يمكننا التواصل معه مباشرة، نأمل أن تعليم الطلاب استخدام هذه الأدوات في زيارة أي ركن على ظهر الكوكب، ستجعلنا أكثر معرفة وتعاطفا.
5.       كن ذكيا واستخدم هاتفا ذكيا
مرة أخرى، عندما نشجع الطلاب على النظر إلى أجهزتهم كأدوات مفيدة، فإن ذلك سيشجع المعرفة أكثر مما هو للالتهاء، إنهم بالفعل يستخدمونها. اتذكر  في سنواتي تدريس الأولى حينما لم أكن أسمح بالهواتف الخلوية في صفي، ومن ثم كنت أحاول أن أقوم بتوضيح كل المفردات الجديدة والإجابة على أي تساؤل بنفسي ، لم أعد حتى أفكر بعمل ذلك الآن.
لقد تعلمت أن الطلاب مختلفون ولديهم حاجات مختلفة من المساعدة حينما يتعلق الأمر بأسئلة أو مصطلحات جديدة، لذلك لم يعد هناك حاجة لتضييع وقتي وجهدي في شرح قد يستفيد منه طالب أو أثنان على الأرجح، وبدلا من ذلك، تعليم الطلاب الاستقلال وكيفية التوصل للإجابات بأنفسهم سيجعل من الصف بيئة مختلفة.
لقد شهدت تغييرات إيجابية منذ بدأت في النظر إلى أجهزة الطلاب كأدوات مفيدة، في الحقيقة في الكثير من الأحيان أجيب "لا أعلم...استخدموا جوجل وأخبرونا"..وياللفرق في الاستجابة والنتائج!
6.       التدوين
أشرت مسبقا لأهمية أن يقوم كل من الطالب والمعلم بالتدوين، حتى الطلاب المبتدأين في اللغة الانجليزية يلمسون قيمة الكتابة لجمهور حقيقي وتأسيس وجودهم الرقمي، أن تدون أو لا تدون لم يعد هذا بسؤال مطروح على الإطلاق!
7.       التوجه الرقمي
هناك فائدة أخرى في الاستغناء عن العمل الورقي، تنظيم مصادر ونشاطات التعلم في مكان (موقع) واحد خاص بك، واستخدام التكنولوجيا في ذلك يرتقي بالتعلم إلى مستوى أعلى، مشاركة الروابط والدخول في نقاشات رقمية، يمكن الطلاب من الولوج إلى المصادر  ومشاركتها وتنظيمها بسهولة، على عكس الطوفان الورقي.
8.       التعاون
تسمح التقنيات بالعمل التعاوني بيم المعلمين والطلاب، انتاج المصادر والعروض والمشاريع الرقمية بالتعاون مع زملائك الآخرين وطلابك سيجعل من بيئة الصف شبيه بالعالم الحقيقي، ويجب ألا بقتصر التعاون على تبادل الوثائق والبريد الالكتروني وعروض الباوربوينت، فهناك العديد من الطرق التي تجعل من العمل التعاوني فرصة عظيمة للتطور المهني، وتنمية خبراتنا إلى حد بعيد.
9.       استخدام التخاطب الكتابي عبر تويتر Twitter Chat
ما من طريقة أرخص ولا أعظم تأثيرا على التطور المهني من الحوار عبر تويتر، مشاركة الأبحاث والأفكار، والبقاء على إطلاع بأحدث المستجدات في مجالك، وبالتالي النمو المهني وتوسيع المعارف والخبرات بقدر ما ندخل في نقاشات مهنية يومية، حيث لم تعد المؤتمرات هي المجال الوحيد للاطلاع على الخبرات الحديثة وبناء شبكات وجماعات النمو المهني.
10.   التواصل
تواصل مع الأفراد الذين يملكون نفس توجهاتك العقلية، حيث تسمح لنا تلك الأدوات بالتواصل مع أي شخص في أي مكان بأي وقت، هل لديك سؤال لأي خبير أو زميل؟ ببساطة تواصل معه عبر الشبكات الاجتماعيى: تابع واشترك واسأل وأخبر.
11.   التعلم القائم على المشاريع
إن المجال مفتوح أمام الطلاب الآن للوصل إلى مصادر أصيلة عبر الانترنت، وخبراء في أي مجال بأي مكان بالعالم، وزملاء يتعلمون نفس الموضوعات في أماكن أخرى بالعالم، إن التدريس باستخدام الكتب هي ممارسة تنتمي لعالم الأمس، حينما لم تكن هناك خيارات أخرى، إن طلاب اليوم يطورون أسئلتهم الخاصة، ويمارسون أبحاثهم، ويتواصلون مع الخبراء، ويبتكرون مشاريع يمكنهم نشرها باستخدام الوسائط الحديثة، والأجهزة التي هي أصلا بين أيديهم، كل ما يحتاجونه من معلمهم هو التوجيه.
12.   عزز بصمتك الرقمية الايجابية
يبدو هذا وكأننا أشرنا إليه سابقا، إلا أنه من الضروري على معلم اليوم أن يصمم آليات الاستخدام المناسب للوسائط الاجتماعيةـ كيف ينتج محتوى تعليمي قيم وينشره، وكيف ينتج مصادر قابلة للمشاركة مع الآخرين، من الطبيعي أن المعلمين يرغبون في استخدام الشبكات الاجتماعية لأغراضهم الشخصية ونشر أفكارهم وصورهم، إلا أننا لن نستطيع أن نطلب من الطلاب ألا يستخدموا تلك الأدوات بصورة غير ملائمة إذا كنا نفعل ذلك، إن ممارسة السلوك الاحترافي في الصف كما عبر الانترنت سيساعد في بناء شخصيات الطلاب الايجابية عبر الانترنت، كما سيساهم في تبنيهم للأفعال الملائمة.
13.   البرمجة
ربما يبدو ذلك للبعض أمرا معقدا، إلا أن البرمجة هي أشبه بتعلم القراءة والكتابة في عالم اليوم، وكما كان القلم هو  أداة القرن الماضي، حيث لم يكن من المتخيل أن معلما غير قادر على استخدامه، كذلك يجب على معلم اليوم أن يكون قادر على التعامل مع "قلم اليوم"وهو كتابة البرمجيات (البرمجة).
إن تعلم البرمجة أمر مشوق، كم هو رائع أن تكتب صفحة بلغة HTML، وحتى لو كانت هناك سبل أخرى لذلك، فإن تعلم البرمجة، كما في أي أمر آخر، خطوة بخطوة ستقودك إلى قطع شوط طويل في اتقان ذلك، ويمكن الوصول إلى العديد من المصادر التي قد تساعدك على البداية في ذلك، من خلال نفس الموقع السابق.
14.   الابتكار
ادعوك لأن توسع من أدواتك وتجرب طرق جديدة لم تألفها من قبل، مثل التدريس باستخدام الشبكات الاجتماعية، أو استبدال الكتب المقررة بمصادر عبر الشبكة العنكبوتية، ليس من أجل الأدوات في حد ذاتها، ولكن من أجل الطلاب.
حيمن استخدم مثلا الفيديوهات الموجودة عبر TED talksوبناء أنشطة حولها، فإن التغذية الراجعة من طلابي تكون مختلفة تماما، لقد أحبوها، كما أحبوا استخدام الفيس بوك Facebook في النقاشات والاعلانات الصفية، إنهم يقدرون الحداثة، ليس الأدوات فحسب، ولكن الطرق المشوقة والإبداعية الجديدة في استخدام هذه الأدوات.
15.   استمر في التعلم
بقدر ما تظهر وتتطور تقنيات حديثة، فإن التعلم والتكيف هو أمر أساسي،  الخبر الجيد هو: إن ذلك ممتع، ومجرد تخصيص عشرين دقيقة يوميا، سوف تحلق بك بعيدا في هذا المجال.

كاتبة المقال: Tsisana Palmer 
العنوان الأصلي لمقال:


اليوم الخامس

$
0
0

اليوم الخامس


لم يكن أسعد أيامي قطعا حينما كلفني المساعد الأكاديمي بالإشراف على مقرر التربية العملية، قدمت شتى المبررات والأعذار التي تجعلني غير صالح للإشراف على هذا المقرر، فأنا لم أعمل كمعلم مدرسة من قبل، خبرتي كلها كانت في العمل مع الأكاديميين ومدرسي الجامعات، وفي المرات القليلة التي قدمت فيها تدريبا لمعلمي المدارس، كان حول الصفوف الافتراضية وإدارة التعلم عبر الانترنت، أي كيفية التعليم بعيدا عن المدرسة، لا خبرة لي في العمل المدرسي، بالإضافة فأنا لا أملك سيارة خاصة، والإشراف على التربية العملية يتطلب التنقل للإشراف على الطلاب في المدارس الواقعة في نطاق سكنهم، في قرى وضواحي رام الله تحديدا، وهو أمر شاق بدون سيارة خاصة، والأولى بتدريس المقرر زملائي الذين يملكون سياراتهم الخاصة، والذين يملكون خلفية في العمل كمعلمين في المدارس الحكومية.


إلا أنه كان قاطعا، التربية العملية هي الحل الوحيد لاكتمال نصابي من العبء التدريسي، أو العودة للعمل الإداري، خياران كلاهما مر، خصوصا أنني قبل أشهر قليلة هربت من منصبي كمدير في أحد مراكز الجامعة، تقديري الشخصي أنني لا أملك المهارات الإدارية الكافية، لذلك كان قراري العودة للعمل الأكاديمي، الاسترخاء بين المحاضرات والنقاشات العلمية مع الطلاب، لكن ذلك على ما يبدو لم يكن متاحا.

في قرارة نفسي أتخذ رفضي للتربية العملية أبعادا أخرى،  فتاريخي الشخصي مع المدرسة محمل بالكراهية، سنوات عمري الأولى التي قضيتها في مدرسة افتخر مديروها على الدوام بالنظام والشدة، جعلت من المدرسة دوما مرادفا لمعاني السجن والقهر والعبودية، حتى أصبحت تلك الرائحة المميزة للمدارس (التي هي غالبا خليط من الغبار وعرق الأطفال وبقايا طعامهم) مصدر استياء لي، تجنبت على الدوام دخول المدارس إلا في مناسبات نادرة، كنت حتى في حيي القديم اتجنب شارع مدرستي القديمة، مشهد الطلاب وهم منطلقون بعد المدرسة كطيور تحررت أخيرا من أقفاصها  هو مشهد عميق الدلالة بالنسبة لي.

أتذكر في إحدى المرات النادرة التي ذهبت فيها لمدرسة، لمساعدة أحدى طالباتي في مشروع لها في انتاج فقرات تعليمية مصورة، أعدت الكاميرا والاضاءة المناسبة، إلا أنها كانت ترغب في مساعدتي للخروج بالأمر على نحو أفضل، لم أجد مبررا للرفض، إلا أنني ما اصبحت داخل الصف، مشهد الطلاب وهم يتابعون الاعدادات للتصوير بنظرات خالية من الفهم لما نقوم به، تعليمات المعلمة الصارمة  أعادت لي الكثير من الذكريات السيئة، أصبت فعليا بالغثيان وهربت من المدرسة بعد دقائق.

مشهد آخر من عملي في مشاريع التعلم الالكتروني، كان المطلوب مني خلال ندوة عقدها المركز الذي أعمل فيه أن أسوق احد التوجهات لمجموعة من مدراء ومديرات المدارس، وكنت الأكثر خبرة بطبيعة العمل وقدمت عروض مشابهة لعدة كليات جامعية، وكانت النتيجة دائما ايجابية، وبعد انتهائي من العرض والدخول في النقاشات، كان للجمهور استفسارات كثيرة حول تفصيلات العمل ومدى ملاءمته للعمل المدرسي، وفوجيئ زملائي بمدى ضعف حجتي وترددي في الإجابة على التساؤلات المطروحة، وانتهى اللقاء بعدم اقتناع السادة الحضور بالفكرة وعدم رغبتهم في المشاركة، تحججت بعدم التحضير الجيد، إلا أنني في قرارة نفسي عرفت أنه مازال الخوف الطفولي من مديري المدارس، كان الذهاب لغرفة المدير يثير رعبنا أكثر من حكم بالإعدام.

المطلوب مني إذا هو قضاء يوم أسبوعيا في هذا المناخ الذي لا أطيقه، مهمة صعبة، والأكثر  صعوبة هو أنني لا استطيع الاعتراف بحقيقة مشاعري نحو المدارس لمن حولي، نصحني زملائي بالتجربة لمدة فصل دراسي والحكم بعدها إذا ما كنت سأستمر في الإشراف على طلاب التربية العملية، وإذا رفضت حينئذ سيكون لرفضي مبررات موضوعية.

أكثر ما شجعني هو النصيحة من مستشاري الروحي، أبي، كان كلامه منطقيا وقاطعا، فعملي كتربوي سيظل نظريا بعيدا عن الواقع إذا ما نقصتني الخبرة بالعمل المدرسي، يقدم لي المقرر فرصة من وجهة نظر أبي لسد ذلك النقص في مجالي المهني، أما أمي فتذكرت ضاحكة خشية الطلاب المعلمون لذلك الرجل الذي يأتي لاختبارهم، ويجلس في المقعد الأخير في الصف ليقيم اداءهم، وكيف كانوا يغرونهم بالحلوى ليبقوا مطيعين ومتجاوبين أثناء تلك الزيارة، كان مصدر فخر لها أن يحل أحد ابنائها في ذلك المقام الرفيع.

ولأن لا شيء يحدث إلا بتدبير مسبق، ولأن لله حكمة في كل ما يمر بنا من أحداث، تزامنت بداية تدريسي للمقرر مع مشاركتي كباحث في أحد المشاريع التي تتطلب تدخل مباشر في الواقع المدرسي، عملت فيه مع مجموعة من الزملاء الباحثين الأكثر خبرة مني، ونخبة من معلمي المدارس الفلسطينية من مختلف المناطق، وكأن الله قدر لي أن تنضج أفكاري بمساعدة ما يزيد عن أربعين معلما خلال هذه الفترة القصيرة، لم يتوانوا لحظة في تقديم عصارة خبرتهم الذهبية، كل الحيل والمفصليات، من وجهات نظر متعددة، ويعلم الله أنني بدون خبرتهم لما استطعت أن أقدم شيئا ذا مغزى لطلابي.

وهكذا، متوكلا على الله، ومسلحا بخبرة زملائي وأفكاري الخاصة، ومحبة طلابي وثقتهم، انطلقت في تلك الرحلة الشيقة التي أرجو من الله أن تستمر حتى آخر عمري، والتي أقدم في المقالات التالية مشاهد منها أوجز فيها العديد مما تعلمته مع طلابي خلالها.


اليوم الخامس: في البدء كان المعلم

$
0
0
في البدء كان المعلم

الدنيا برد......الدنيا برد
وعم خليل بيسقي الورد

استمعت إلى هذه الأغنية ألاف المرات منذ صغري، لكنني لم أفهم معناها حقا إلا في صباحات الأربعاء الشتوية الباردة، حيث اضطر إلى أن استيقظ مبكرا وأغادر المنزل قبل موعدي المعتاد بأكثر من ساعة، لأتمكن من الوصول إلى المدرسة المنشودة مع بداية اليوم الدراسي، وإلا فلن أتمكن من التقدم في زياراتي حسب جدولي الخاص ، والذي حاولت من خلاله بعناية أن أجمع الطلاب في القرى القريبة لبعضها، وتم ترتيبه هاتفيا معهم، متبرما من ذلك العمل والاستيقاظ المبكر أقابل ابتسامتهم المتحفظة وهمتم الدؤوبة

مشهد المعلمين الصباحي معتاد إلى درجة غياب روعته عن عين الرائي، هؤلاء النساء والرجال يخرجون من بيوتهم يوميا قبل الجميع، وفي ذهنهم نية واحدة غالبا، تعليم ابنائنا، هكذا ببساطة، كل تلك الشعارات التي يرددها المسؤولون والرسميون عن أجيال المستقبل وتربية النشء و.....و......، هم ليسوا في حاجة لها، إنهم يمارسونها بشكل يومي واعتيادي، يمزحون في فراغ السيارة الضيق يتباهون بما قام به كل واحد من أنشطة مع صفه "ألم تشاهدي ذلك.....لقد وضعته بالأمس على الفيسبوك"، يتبادلون الخبرات في حديث عادي قبل حتى فنجان القهوة الأول، بينما نتباهى نحن الأكاديميون دائما بالأبحاث والمؤتمرات والزيارات، إلا أننا نادرا ما نشير إلى أي نشاط مختلف قمنا به مع طلابنا، "أنا"الأكاديمية تذوب في "نحن"و"هم"التعليمية،  إن هؤلاء القوم عظماء في بساطتهم


تسأل معلمة "بديلة"زميلاتها عن كيفية انسحابها من العمل بعد الحصة الثالثة لتصطحب ابنها المريض إلى الطبيب، تطمئنها زميلاتها إلى امكانية ذلك، ويقدمن لها رقم سائق يمكنه أن يصطحبها مباشرة بعد انتهاء الحصة، ذلك ليس حديثا عرضيا أو هامشيا، غياب المعلم هو أمر خطير يحتاج إلى ترتيبات مسبقة، في مقابل نظرة موظف الزجاجية اللا مبالية وهو يخبرك أنك لن تتمكن من اتمام معاملتك اليوم لأن زميله متغيب، مع عدم علمه بامكانية أن يختلف الوضع غدا، فإن غياب المعلم يعني بقاء عدة صفوف لحصص متتالية بدون معلم، وهو يتطلب "تدبيرا بهلوانيا"من المدير ليستطيع تدبير معلم أو معلمة تحل محل المعلم الغائب، لا شيء يكرهه مدراء المدارس أكثر من معلم غائب أو  أم متعالية غاضبة، كما أن غياب المعلم ولو ليوم واحد يشكل عائقا له عن التقدم في منهجه الدراسي وفق المخطط المرسوم، لا شيء يكرهه المعلمون بقدر "حصص أو أيام التعويض"، واظن الطلاب يشاركونهم ذلك.

يا ناس شقايا من أجل غاية
عايز قلوبكم دايما معايا
علشان اشقر على الورد واقدر
وأفضل مشمر والدنيا برد

أعشق تلك اللحظات حينما يتحرج مدير المدرسة أو مديرتها من الحديث أمامي، ثم لا يلبث أن ينطلق في حواره عبر الهاتف أو الأشخاص أمامه، عاصرت في مثل هذا الموقف كفاح مديرة في قرية من قرى رام الله من أجل تأمين وجبة أفطار يومية للطلاب في المدرسة، لم تترك جهة أو  شخص لم تتواصل معه وتشركه في الأمر، شعرت أن لا شيء يمكنه من ايقافها حتى تحقق غايتها، في قرية أخرى متوارية، جمع المعلمون قروشهم القليلة سويا ليتمكنوا من إدخال الانترنت إلى مختبر المدرسة، "الآن يستطيع طلابنا أن يتواصلوا مع مصادر المعرفة العالمية"قالت معلمة اللغة العربية بفخر وهي تستعرض، طلاب الصف الثالث الذين لا يملك معظمهم حواسيب منزلية، وهم يبحثون عن معاني الكلمات عبر الشبكة العنكبوتية، يتذكر المدير ضاحكا كيف أن كل حاسوب في المختبر كلفه عشرات الساعات من التحدث إلى أهالي الطلاب ووجهاء القرية، متزاحمات في فراغ الغرفة الضيق، متلاصقات على المقاعد أو جاثيات على ركبهن، أتذكرهن وهن يعملن بإصرار في المواد المتراصة كالتل أمامهن، كان هاجسهن أن يتمكن من افتتاح مختبر الرياضيات في مدرستهن قبل انتصاف الفصل الدراسي.

المعلم (أو المعلمة) إنسان متذمر....كانت تلك قناعتي قبل أن أنخرط في أجواء المدارس، لم تتغير تلك القناعة كثيرا إلا أنني أصبحت أكثر تفهما لأسباب ذلك التذمر، بل وأقدره ، فالوقت محدود والامكانات غير كافية والمنهاج ضخم – وغير مقنع في الكثير من الحالات-  والطلاب كثر وحاجاتهم مختلفة والمهمات الروتينية والورقية لا تنتهي، ويدرك المعلمون إن كل ذلك ليس لب المطلوب منهم حقا، بل ما يجب عليهم أن يجابهونه ليتمكنوا من الإيفاء برسالتهم الأصلية، توفير بيئة دراسية تمكن الطلاب من تطوير  شخصياتهم ومهاراتهم الذاتية، يبقيهم ذلك في حالة من الشكوى المستمرة بحثا عن واقع أفضل لتحقيق مصلحة طلابهم.

تجبرني التجربة على التمييز بين المعلم والمدرس، فبينما الأول هو تجسيد لرسالة يؤمن بها، فإن الأخير هو شخص أختار مهنة التدريس باعتبارها مصدر لدخل ثابت مقابل ساعات عمل محدودة، لا عيب في أن يختار الإنسان مهنة لتأمين دخله، إلا أن من الغريب أن يختار الإنسان من التدريس سبيلا لذلك - الأقل أجرا مقابل ساعات العمل والأكثر ارهاقا- ثم يشتكي قلة الراتب... أي مهنة حرة أخرى ستكون مصدر للدخل بشكل أكبر، لذلك يبقى المدرس يتقدم في شكل خطي، وظيفيا غالبا لا مهنيا، وتبقى مهاراته غالبا محصورة فيما اكتسبه من عامه الأول، والنزر اليسير من أي برنامج تدريبي "مفروض"عليه، أما المعلم فتبقى حركته غير محدودة، يمينا ويسارا، إلى الأمام وإلى الخلف، إلا أنها دوما إلى الأعلى.

أنا بنادي...حلوة السنة دي
والفجر نادي....والدنيا برد

يبدأ المعلمون عادة عامهم الدراسي بتكاسل، وبنوع حتى من الاستسلام القدري، يجترون فيها آخر أحداث العام المنصرم وبقايا الأجازة الصيفية، متفاجئين ومرتبكين من القواعد الجديدة الصادرة أو المتوقعة من الوزارة والإدارات التعليمية، باحثين عن مبرر لها أو ناقدين لتلك المبررات، يحتاج الأمر لأسبوعين كاملين تقريبا لتصل لياقتهم الذهنية إلى وضع الإطلاق واستعادة ذاكرة التدريس، سيفاجئك أنهم لم يكونوا مسترخين تماما وبعيدين عن الجو بشكل مطلق، كان هناك شيئا ما يتطور في الخلفية.

اتطرق أحيانا في حديثي مع الطلاب إلى أهمية التأمل في الخبرات السابقة لمحاولة تطويرها، باعتباره واحد من الممارسات الحديثة اللازمة للمعلم، تجيبني المعلمة المدربة "ولكن هذا ما نقوم به دائما، وإن غالبا بشكل غير واعي"، المعلم يبقى معلم، في ساعات الدوام وخارجها، في الصيف والشتاء، في الأجازات والعطل القومية والدينية، مع طلابه وأصدقائه وابنائه وأهله

يا ناس سيبونى لاتعطلونى
وتعالوا بكرا يا نور عيونى
اديكوا وردة اوراقها فاردة
اما النهاردة الدنيا برد

المحافظة هو السمة المميزة للمعلمين، محافظين في ملابسهم وكلماتهم وأفكارهم وسلوكياتهم، لذلك يمكنك أن تميزهم من مظهرهم،  يسجل وعيهم مراقبة أعين الآخرين لهم، كبارا وصغارا، والنظر لهم باعتبارهم مثالا سلوكيا، ينعكس ذلك في كل حركاتهم تقريبا، لذلك فالمعلمون لا يقودون التغيير، إلا أنهم يرعونه ببطء يوما بعد يوم.

بكل قناعة وبحكم خبرة أصبحت شبه يومية، لم أقابل إلا فيما ندر معلما متواني، وبقدر ما نختلف معهم أو ننتقدهم، إلا أن كل معلم قابلته، كان يبذل الحد الأقصى من جهده خلال عمله، يمكن أن نتجادل حول ما يجب أن يكون عليه هذا الحد الأقصى، أو حول ما إذا كان ما يقومون به هو ما يجب أن يتم فعلا،  إلا أنه فلا جدال أنهم لا يتوانوا عن العمل المتواصل، من أجل مصلحة الآخرين..

الله يخلي شقاك وفرحك

وتملي تضحك والدنيا برد


اليوم الخامس: التدريس الآمن في مقابل التعليم المغامر

$
0
0


"لن يكتشف بحار جديدة من لم يمتلك الشجاعة لفقدان الشاطيء"
أندريه جيد     

تشكل مفهوم التدريس الآمن في وعيي تدريجيا، إلا أنه تبلور بشكله الحالي من خلال خبرتي مع "عائشة"..
تمتلك "عائشة"شخصية مستقلة، طورتها من خلال خبرة طويلة نسبيا لفتاة في مثل عمرها من خلال العمل التطوعي، وصقلتها بالاطلاع الواسع والبحث عن تجارب جديدة في الحياة، وتعمل كمتطوعة في مجال التوعية الصحية والتدريب على الاسعافات الأولية، حظها الحسن أنها تدربت مع معلمة ذات خبرة طويلة في مجال التعليم، استطاعت من خلالها أن تطور نمطا تعليميا محددا، كما تمكنت بجدارة خلال فترة قصيرة أن تعالج عيبا أساسيا في عائشة وهو تدني مستوى خبرتها اللغوية، وخلال شهر امتلكت عائشة أسلوبا لغويا سلسا وصحيحا إلى حد كبير.

إلا أنني خلال الزيارة التقويمية لم أشاهد عائشة، إنما شاهدت نسخة مكررة عن المعلمة، سمحتُ للمعلمة أن تحضر الدرس، وهو أمر لم أكن امانع فيه عامة، إلا أن قراري في تلك الحالة تحديدا كان خاطئا، حاولت تصحيحه من خلال منع المعلمة من توجيه عائشة خلال تقديمها للحصة، إلا أن الوقت كان قد تأخر لاصلاح ذلك، راحت عائشة تتبع خطوات الدرس كما هو بالمنهاج خطوة خطوة، وتنفذ الأنشطة المصاحبة تباعا، وبعد كل نشاط تنظر للمعلمة لتتأكد أنها تقوم بالعمل على الشكل الصحيح، كان حدسي يخبرني بضرورة اعادة الاختبار العملي لعائشة، إلا أنه ضغط برنامج الزيارات العملية منعني من اتخاذ هذا القرار، وعلى الرغم النقاش التفصيلي لتلك الملاحظات مع طالبتي، إلا أنني اعتقد أن عدم اعادة الزيارة التقويمية هو أيضا من أخطائي المهنية التي ارتكبتها في حق أحد طلابي.



تعد تلك حالة مثالية للطلاب والطالبات في التدريب العملي، أنهم يسمحون لشخصيتهم أن تتوارى أو تختفي خلف شخصية محددة سلفا مكونة من مجموعة من الصفات التي تشكل مفهوم "المعلم"بالنسبة لهم، وهي عادة صفات مكتسبة من خبرات قديمة إلا أن الدور الأكبر في تشكيلها للمعلمات المدربات، المسؤولات عن نقل المهارات الحرفية من إعداد الدروس والأهداف وكتابة الخطط وأشكال التقويم وما إلى ذلك، وغالبا ما تكون تلك الصورة المتكونة "متكلفة"أكثر جدية من اللازم وتفتقد للعفوية.


وفي المقابل كان لدي حالتين مختلفتين في اليومين التاليين، واحدة منهما ،أفنان، كانت تتدرب في مدرسة صغيرة الحجم ومع معلمة حديثة الخبرة نسبيا، مما سمح لها أن تطور أسلوبها الخاص كمعلمة، اعتمدت في الغالب على الأنشطة الجماعية، واستنتاج الطلاب للخبرات ونقلها إلى زملائهم من خلال أنشطة أو أوراق عمل مصممة بشكل جيد، بعد مقدمة تمثيلية عرضت من خلالها نموذج للسلوك السيء وسمحت للطالبات بانتقادها، قامت بتشكيل مجموعات وقدمت لكل مجموعة ورقة عمل لكل طالب على أن يقوموا بحلها جماعيا، قامت بإعادة تشكيل المجموعات مرة أخرى بشكل مخطط سابقا، ليقوم كل طالب بنقل الخبرة التي استفادها من مجموعته الأولى إلى مجموعته الجديدة، وبالنهاية طلبت من كل طالب أن يقوم بعرض ما تعلمه من زميله، سمح لها صغر حجم الصف في الانتهاء من العمل في الوقت المحدد.

اعترضت بالطبع على تقديمها لنموذج سلبي، لأن الأطفال يتعلمون من مشاهدتنا أكثر مما نقدمهم لهم من إرشادات، وكان من الأفضل لو استخدمت دمية مثلا تقوم بالسلوك غير المحبب، وهو ما يشعر الطلاب بحرية أكثر في انتقاده، وبشكل عام على الرغم من روعة طريقة المستخدمة وانخراط الطلاب  تماما في العمل، إلا أنها كانت جافة بالنسبة لأطفال في الصف الثاني، بمعنى أنها تخلو من المرح أو اللعب، كما أن تعزيزها للأطفال لم يكن على مستوى المهمة التي قاموا بها.

أما الحالة الثانية، يسرى، فلم تستطع خلال فترة التدريب أن تمارس طريقة خاصة في التدريس، نظرا لمعارضة المعلمة المدربة لأساليب التعلم النشط، نفس الذرائع التقليدية ضغط المنهاج وطول الدروس وقصر الوقت المتاح و.....و......، لذلك استغلت الزيارة التقويمية لتقدم الدرس وفقا لطريقتها الخاصة، قسمت الطلاب إلى أربع مجموعات كبيرة وطلبت أن يقوم كل منهم بجمع معلومات حول أحد فصول السنة، وأن يقوم فريقه بتوجيه أسئلة مختلفة حول هذا الفصل ويقوم بالإجابة عليها أمام كل الطلاب، بعد ذلك قامت بإعادة تقسيمهم إلى مجموعات أصغر، وطلبت من كل مجموعة أن تقوم باختيار الفصل المحبب لهم من فصول السنة، ورسمه على لوحة كرتونية، ثم تقوم تختار كل مجموعة طالبة بعد ذلك لعرض اللوحة أمام باقي الطلاب، وتلقي الملاحظات والأسئلة حولها، طبعا الطريقة رائعة والحصة كانت ممتعة تماما والتقطت عشرات الصور الجذابة لعمل الطالبات الرائعات.


استطاعت المتدربة أن تنفذ الجزء الأول بنجاح، إلا أنها كانت في ورطة حقيقية خلال الوقت المتبقي من الحصة، لم تستطع أن تدير العمل داخل المجموعات بكفاءة، بعض الطالبات استأثرت بالعمل، انسحاب بعض الطالبات، التنازع بين الطالبات حول الأحقية....وسائر المشكلات التي تصاحب الخطوة الأولى في إدارة التعلم ضمن مجموعات، كذلك كان الانتقال من عمل المجموعات إلى العروض مأساوي "وهو الجزء الأصعب غالبا في عمل المجموعات"فلم تستطع أن تجذب انتباه بعض الطالبات من استكمال لوحاتهن للالتفات لعروض زميلاتهن، وبصفة عامة لم تحسن تقدير الوقت اللازم لكل نشاط.

تمثل حالة عائشة ما أطلق عليه "التدريس الآمن"أو التدريس بدون أخطاء، أي أن يقوم المعلم باتباع طريقة محددة في التعليم هي ما تدرب عليه، وسرعان ما تتحول لتكون هي "كل ما يعرف أن يقوم به"، وبالتالي لم يعد من المدهش بالنسبة لي أن أجد معلم استمر لمدة عشرين سنة مثلا في تقديم الدروس بنفس الطريقة، واستخدام نفس الأنشطة والأمثلة والتطبيقات والوسائل، توفر طريقة التدريس الآمن للمعلم تجنب الوقوع في الأخطاء إلا أنه في المقابل تمنع عنه تعلم أي جديد، أو أي تطوير في أسلوبه، وهو ما ينعكس تلقائيا على شخصيته وأفكاره واتجاهاته، بل وحتى نمط ملابسه، التي تصاب تدريجيا بالجمود، ويتحول اليوم المدرسي ليصبح عبئا على المعلم أو المعلمة، لا ينتهي منه إلا وهو منهك تماما، وتصبح الأيام بالتالي كلها متشابهة، مما يصيب روحه بالسأم، أو ما نطلق عليه "الاحتراق المهني".

وفي المقابل، يقدم التعليم المغامر آفاق للمعلم للتطور المهني والشخصي المستمر، هو انتقال بالمعلم من حالة الفعل المعتاد والمألوف إلى الخبرة الجديدة، تجربة شيء لم أقم به من قبل، وملاحظة ذاتي قبل طلابي خلال هذه التجربة، الخطأ هو وارد حتما، ولكنه ذلك النوع الساحر من الأخطاء الذي سيكشف لنا الكثير مما لا نعرفه، سيضعنا في مواجهة الحقيقة الدائمة، أن خبراتنا ومهاراتنا محدودة ومن اللازم أن نعمل على تطويرها، وأثناء ذلك تتطور شخصياتنا، ونصبح أكثر انفتاحا على الأفكار والاتجاهات الجديدة التي تعيد تشكيل ذواتنا وأذواقنا.


ويتضح ذلك بالنسبة لي دائما من خلال النقاش الذي يعقب الدرس أو الحصة التقويمية، ففي الحالة الأولى، التدريس الآمن، يكون الطلاب بالأساس مرهقين، فقد مروا بخبرة نفسية ضاغطة، خضوعهم للمشاهدة والتقويم، ارتداء شخصية غير شخصيتنا أمر مرهق تماما، وبالتالي يلجأون للدفاع أثناء النقاش ويصعب عليهم استقبال ملاحظات أو انتقادات، لقد اتبعوا القواعد بحرفيتها، فأي شكل من النقد يمكن أن أقدم لآدائهم!، أنهم على ثقة أنهم قدموا "ما ينبغي"أن يقوموا به، في هذه الحالة ابدأ النقاش بالسؤال التالي "هل استمتعت بتقديم الدرس؟ هل تعتقد أن الطلاب استمتعوا به؟"الانطباع غالبا ما يكون الدهشة، المتعة! عماذا تتحدث بالضبط، لم يحدثني أحد عن ذلك، هل هذا واحد من معايير التقويم؟ لابد أن ابدأ من هز قناعاته فيما اعتقد أنه مثالي أو نموذجي.

أما في الحالة الثانية، بعد انتهاء الحصة، الاحظ أن الطالب أو الطالبة خفيف ومتحرر من الضغط، مرح وعينيه تشتعل بالإثارة، لقد مر بخبرة ممتعة، بعد الخمس دقائق الأولى توقف عن الشعور بي وانخرط تماما في عمله مع الطلاب (أتذكر أنني ناديت أحدى الطالبات لأخبرها بملاحظة أثناء الدرس إلا أنها تجاهلتني وانصرفت إلى أحدى المجموعات، بعد الحصة اعتذرت لي وقالت أنها لم تستطع أن تترك الطالبات لتستمع إلي، عموما كنت أنا المخطأ فتقديم الملاحظات أثناء الدرس ليس أمرا احترافيا تماما، لكن من منا كامل!)، عادة هم الذي يبادؤني بالأسئلة بل ويقودون الحديث، تفتتح الحديث بعبارة "لم يكن الدرس على المستوى الذي توقعته"ثم تردف بمرح "إلا أنني قد استمتعت تماما، واعتقد أن طلابي قضوا وقتا رائعا"، في هذه الحالة غالبا لست بحاجة إلى توجيه ملاحظات، فقط أقوم بمساعدة الطالب أو الطالبة على اكتشاف أين أخطأ، وكيف يمكنه التعديل في الدروس القادمة، لقد وضع قدمه على بداية الطريق الصحيح، وبالتأكيد سيواجه الكثير من العوائق في عمله كمعلم، يبقى التغلب عليها رهنا بقوة إيمانه بمعتقداته.

فارق أساسي أيضا بين التدريس الآمن والتعليم المغامر، في الحالة الأولى يقدم المعلم المنهاج لطلابه باعتباره سقفا لعملية التعلم، أما في الحالة الأخرى فيكون المنهاج هو الأرضية التي ينطلق منها المعلم وطلابه، لا يستطيع المعلم الآمن مغادرة المنصوص عليه في الكتاب المقرر ويشتق أهدافه من محتواه، ويركز على الخبرات الدراسية المباشرة المنصوص عليها في دليل المعلم، يلتزم بتعليماته والوسائل والأنشطة والتدريبات المقترحة، المعلم الآمن لا يجرؤ على مخالفة المنهاج، أما المعلم المغامر فيركز عادة على كل المتعلم، ويسعى لتطوير شخصيته ومهاراته العقلية من خلال موقف، يتعامل مع أشخاص لا مع أوراق، ولا يشكل الكتاب المقرر في هذه الحالة إلا وسيلة يستغلها لبناء أنشطة وتجارب معرفية واجتماعية لطلابه، يسعى من خلالها لتوفير تجارب يمكن من خلالها لطلابه اكتشاف الجديد عن نفسه والعالم.

إن المعلمين الرائعين بحاجة دوما إلى التجدد، تجربة طرق ووسائل جديدة، ربط المنهاج بموضوعات مختلفة، الإبحار في مشاريع ومخططات جديدة مع الطلاب، في ذلك تجديد لمهاراتهم ووجودهم ككل، كمعلم، وإنسان، لا تستسلم للركون للتقليد والروتين المتكرر والسأم، اجعل من كل درس مغامرة جديدة، ساعد نفسك على استكشاف مناطق متفردة، لا تستمع لكل الذين يقولون أن ذلك خطر أو غير ممكن أو ....أو، هناك دائما من جربوا طرقا جديدة واكتشفوا اخطائهم وعدلوها، واستفدنا كلنا من تجاربهم، كل ما يميزهم عنك هو إيمانهم بذاتهم وبقدرتهم على المغامرة.

من راقب الناس مات هما                  وفاز باللذة الجسور
من شعر سلم بن عمرو بن حماد





إنهم يعرفون..فماذا أنت فاعل؟

$
0
0

حملت هبة البطاقات أمامها لتريها للطالبات الصغيرات، سألتهم:
-          ماذا في هذه البطاقة؟
-          دجاجة
-          هل تلد الدجاجة؟
-          لاااااااااااااااااااااا
تعرض بطاقة جديدة:
-          ماذا في هذه البطاقة؟
-          بيضة؟
-          ماذا في البيضة؟
-          كتكوت
-          الكتكوت ابن من؟
-          الدجاجة

استمرت هبة في طريقتها المملة، بينما الطفلات الصغيرات مستغرقات في الضحك ويتغامزن على المعلمة من حين لآخر، كانت المعلمة مستغرقة تماما في شرح الفرق بين التكاثر عن طريق البيض، والتكاثر عن طريق الولادة، غير منتبه لما يسود البنات من سخرية، طلبت منها التوقف، نادرا ما اتدخل في سير الحصة، سألت البنات عمن تملك أسرتها مزرعة أو تقوم بتربية الحيوانات في المنزل، رفعت الطالبات جميعهن أيديهن، بالطبع فهم يعيشون في قرية، سألتهم من شاهدت أي طائر منزلي وهو يبيض، أو من شاهدت عملية ولادة لأحد الحيوانات، تدفقت عشرات القصص من تلك الأفواه الصغيرة، من الواضح أن معرفتهم الشخصية أوسع وأعمق مما هو مذكور في المقرر، الغريب أن المعلمة لم تنتبه لذلك رغم أنها ابنة نفس القرية.

ويأتي هذا الدرس ضمن وحدة كاملة تتعلق بنمو الحيوانات وتغذيتها وتكاثرها، بالنسبة للفتيات الصغيرات الموضوع أكبر من مجرد مجموعة صفحات بالكتاب، انها خبرة حياتية يعايشونها يوميا، وحين يتجاهل المعلم كل ذلك ويحاول "حشر"مجموعة من الأفكار في عقل طلابه، يكون قد أسس ووضع اللبنات الأولى في الحاجز بين المدرسة وحياة الطلاب، ذلك الفصل الذي يجعل من المدرسة مجرد مكان جاف وممل بل وغير مفيد في حياة الطلاب.

طالبة أخرى، فداء، كان  درسها عن الماء، الماء؟، تصرفت المعلمة وكأنها تدرس خبرة جديدة للطلاب، واحضرت مجموعة من الوسائل لتعرض لهم هذه الأفكار الطازجة (بالنسبة لها بالطبع لا بالنسبة لهم)، تركت الحصة تسير حسبما خططت، كان انخراط الطلاب سيء وبعيدين تماما عن جو الحصة، عانت الطالبة كثيرا وهي تحاول افناعهم بالمشاركة دون فائدة، كيف يمكن لمعلومات في غاية السطحية أن تشجعهم أو أن تمثل مصدر إثارة لهم.

يقع المعلمون والمعلمات في هذه المواقف نتيجة لتجاهل عدد من القواعد الأساسية لأي تدريس حقيقي أوفعال، أولا تجاهل خبرة الطلاب السابقة، وتقديم أي معلومة على أنها جديدة بالنسبة للطلاب هو أمر مضجر حقا، والمعلم عند هذا المستوى قطعا غير مؤهل للقيام بمهنة التعليم، للأسف يفشل الكثير من المعلمين في فحص الخبرات السابقة للطلاب أو البناء عليها بشكل منهجي، أقصى ما يصل إليه البعض هو "هل تتذكرون كذا؟"ثم ينطلق في تقديم خبرات درسه بدون ربط حقيقي لخبراتهم مع موضوع المنهاج.

يتجاهل المعلم هنا أيضا دوره في تنمية خبرات ومهارات طلابه، يتعامل مع خبرات المنهاج باعتبارها قاصرة على "حفظ"معلومات الكتاب أو استيعابها، وإذا كانت هذه هي رؤية المدرس لعمله، فهو قطعا بغير حاجة للبناء على خبراتهم السابقة، الترديد والتكرار سيكون كافي جدا للحفظ، إلا أنه بدون جدال عبارة عن تضييع للوقت والمجهود المبذول في الحصة، ويزيد من الاتجاهات السلبية نحو التعليم والتعلم والمدرسة برمتها، وهدر لقدرات ومهارات الطلاب.
في الحالتين المذكورتين، لم ارضى عن النتيجة السابقة، تجاوزت صلاحياتي في تمديد الممارسة أسبوعا آخر، وطلبت منهما أن يعيدا تصميم نفس الدرس، بطريقة مغايرة تعتمد على خبرات الطالبات السابقة وتوظف أساليب التعلم النشط، لتنمية مهارات الطالبات، عقدنا ورشة عمل مصغرة لثلاثتنا، وبعد عدة اقتراحات ومناقشات استقرت كل منهم على طريقة مختلفة.

صممت هبة قائمة رصد ، تطلب فيها من كل طالبة بمساعدة ذويها، أن تقوم بحصر الحيوانات الموجودة في المزرعة أو في الحظيرة المنزلية (أو أقرب مزرعة لهم)، وأن يقوموا بتحديد عمر كل حيوان ومواصفاته (الوزن والطول.....) وتغذيته وأساليب رعايته وكيفية تكاثره، وأن تعرض نتائجها أمام زميلاتها في الصف.

تشككت في البداية من امكان الصبايا في الصف الثاني (7 سنوات) القيام بالعمل المطلوب، إلا أن النتيجة أكثر من مبهرة بالنسبة لها، فلم يكتف الطالبات بتعبئة القائمة المطلوبة، وإن كن قد عبئنها بامتياز، لقد التقطت بعضهن صور للحيوانات، وقامت بالرسم على الصورة للمقارنة بين الأعمار المختلفة للحيوانات، بعضهن قامت برسم أشكال تعبر عن دورة الحياة لهذه الحيوانات، طوال أسبوع كامل شكل الحديث عن هذا النشاط محور اهتمام الطالبات، وجدت المعلمة أن مساعدتهم في التعبير عن أفكارهن أمرا مسليا تماما، يوم العرض، تقول هبة، كان عبارة عن معرض علمي حقيقي، اكتشفت أيضا أن النشاط يمكن أن يتم توظيفه في اللغة العربية والرياضيات والتربية المدنية.

قررت هبة أن تبني على النشاط السابق، لترى إلى أي مدى يمكن أن تصل الطالبات، قسمتهن إلى مجموعات وطلبت من كل مجموعة أن تتخيل أنها مسؤولة عن مزرعة لأحد هذه الحيوانات، وأن يقمن بالتعاون بينهن بعمل قائمة بأهم الأشياء التي يجب أن تراعيها، وكيف يمكن أن تستفيد ماديا من تلك المزرعة، كانت النتيجة رائعة إلى أقصى حد، المعلمة المتعاونة طلبت من هبة أن ترشدها إلى مصادر لمثل تلك الأنشطة الفعالة.

فداء، بعد أن لاحظت أن مكتبة الصف تحتوي على مجموعة من القصص والكتب التي تتناول أو تتطرق إلى موضوع المياة أو موضوعات ذات علاقة به، عن صيد الحيتان أو تلوث الأنهار أو الأمطار أو النظافة......، قسمت الطلاب إلى مجموعات، وطلبت من كل مجموعة أن تقوم بقراءة القصة واستخلاص أهم أفكارها، وعن المعلومات التي استفادت كل منهم عن الماء من خلال القصة، وأخبرتهم أن هناك مكافأة لأفضل مجموعة، لاحظت خلال عمل المجموعات أن الطلاب يساعدون بعضهم على قراءة المفردات الجديدة، ويقومون بشرح الأفكار الواردة فيها ومناقشتها مع زملائهم، وعلى الرغم من أن الدرس ينتمي إلى مقرر العلوم، إلا أنها اكتشفت أن تلك طريقة رائعة لتعلم القراءة، مرة اخرى ما توصل إليه الطلاب في عامهم الأول كان أعمق من الخبرات الواردة في المنهاج وأكثر حيوية، بعد العرض طلبت منهم أن تقوم كل مجموعة برسم ما توصلت إليه من نتائج وتعليق اللوحات على حائط الصف....اعتقد أن كلتاهما قد تغيرت طريقة تدريسها إلى الأبد.

للأسف إن الأخطاء التي وقعت فيها كل منهما، وهو تجاهل الخبرات السابقة وعد البناء عليها، لا يعود لنقص خبرتهما في العمل المدرسي، فقد شاهدت عشرات المدرسين ممن يقومون بالربط بين خبرات الدرس والحياة الواقعية بشكل روتيني سطحي، مما يفقده معناه ويحوله لمجموعة من الأفكار غير المترابطة، وغير المفيدة في البناء عليها أو الاستفادة منها في الحياة، يجب على كل معلم أن يبذل جهده في تصميم الأنشطة اللازمة لتعميق المعرفة السابقة والربط بينها وبين الخبرات الجديدة من خلال أنشطة عملية يمارسها الطلاب وتنمو مهاراتهم ومعارفهم من خلالها.  




تصميم التفكير في غرفة الصف...خطة المساق

$
0
0
الإطار العام للمساق:

أهداف المساق:
يتوقع من كل مشارك بعد نهاية المساق أن يكون قادرا على:
1.    بناء تصوره الخاص حول مدخل تصميم التفكير
2.    صياغة رؤيته الذاتية لآليات ومنهجيات تصميم التفكير
3.    توظيف تصميم التفكير في عمله التعليمي والتربوي
4.    بناء استراتيجيات صفية قائمة على تصميم التفكير

فترة المساق:
19 آب (أغسطس) وحتى 14 أيلول (سبتمبر) 2015

برنامج المساق:

افتتاح المساق
التسجيل الفعلي والتمهيد للأنشطة
الأربعاء 19 آب (أغسطس) 2015
اللقاء الأول
تصميم التفكير في التعليم: السياق والأسس والمنهجيات
الأثنين 24 آب (أغسطس)  2015
اللقاء الثاني
توظيف تصميم التفكير في العمل التعليمي
الأثنين 31 آب (أغسطس)  2015
اللقاء الثالث
الاستراتيجيات الصفية القائمة على تصميم التفكير
الأثنين 7 أيلول (سبتمبر) 2015
اختتام المساق
مناقشة أنشطة المساق/ المشروع النهائي
الأثنين 14 أيلول (سبتمبر) 2015


آليات ومنهجيات المساق:
يعتمد المساق على التطبيق المباشر والاستكشاف الجماعي للمعرفي والعمل التعاوني لإنتاج المعرفة، وبالتالي فكل مشارك سيقوم من خلال الأنشطة والنقاشات بإضافة معرفة جديدة للمشاركين الآخرين من خلال حراك تعاوني نشط

أدوات المساق:
سيتم استخدام أدوات جوجل في تنفيذ المساق (البريد الالكتروني Gmail، الشبكة الاجتماعية الخاصة بجوجل GoogleYoutube، Hangout، Google Drive........)
(سيتم تزويد المشاركين بمجموعة من الفيديوهات الارشادية حول كيفية استخدام هذه الأدوات)

نموذج التسجيل للمساق: اضغط على الرابط وقم بتعبئة البيانات ثم اضغط ارسال


إعداد بيئة الصف للتعلم الأعمق

$
0
0
بعد قراءة بعض المقتطفات من "إعلان الاستقلال"، انخرطت دائرة من الطلاب في النقاش حول مفاهيم الحرية والسعي لتحقيق السعادة، دائرة الاستعلام بدأت بسؤالين ألقاهما المعلم:

·        أيهما أهم الحرية أم السعي لتحقيق السعادة؟
·        هل كل من الحرية والسعي لتحقيق السعادة حقوق غير قابلة للمصادرة؟
افتتح بعض الطلاب النقاش بطرح فكرة أن كل من الحرية والسعي لتحقيق السعادة هي حقوق متاحة فقط للأشخاص الذين يتبعون قوانين المجتمع، بينما جادل البعض الآخر إنه بالرغم من اتفاقهم حول أهمية القانون، إلا أنه ربما لذلك هناك استثناءات، تساءل أحد الطلاب "هل من الصحيح أخلاقيا أن تُسلب الحرية من كل مرتكبي الجرائم؟"أجاب طالب آخر "نعم، ماذا لو أن جريمة ارتكبت من أجل إنقاذ حياة شخص ما؟"

وقاد هذا لمناقشة عن طبيعة السعادة، ناقش الطلاب أن السعادة ليس لها تعريف واحد عند الجميع، أضاف أحد الطلاب "جمع بطاقات البيسبول يسعدني، لكن ليس كل فرد له نفس الهواية"، كما تساءلوا حول أن بعض القوانين ربما تحد من فرصة البعض في السعي لتحقيق سعادتهم، وضحت أحدى الطالبات "نحب أنا وأهلي الذهاب للشاطئ في عطلة الأسبوع، لكننا سنصبح أسعد إذا كان بإمكاننا اصطحاب كلبنا معنا"

وبينما كانت المحادثة ثرية ومتجذرة في التعلم الأعمق والاستيعاب، فإن النقاش القائم على التساؤل ما كان لينتهي داخل الصف، وبناء على طلب الطلاب وبتيسير من المعلم، امتد النقاش عدة أيام عبر تويتر.
تعلم الطلاب الأعمق يمكن أن يمتد عبر الوقت من خلال تيسير معلم متمرس في فن التفكير ضمن بيئة مصاغة بعناية، أؤمن أن ذلك أن تحقيق التعلم الأعمق يمكن أن يحدث في كل الصفوف، واقترح بداية خمس تحولات ثقافية:

1.     الانخراط في تطور مهني قائم على التساؤل
تطوير مهارات التفكير المنهجي والتحليل المنطقي ضروري للوصول للتعلم الأعمق، يجب على المربين بداية أن غمر أنفسهم في التطور المهني المتمحور حول بناء مهارات الاستفسار، ربما حتى في إطار فلسفي، يجب أن تتعلم التفكير بعمق لتتمكن من تصميم دروس تتميز بالمرونة والإبداع، والذين يعدان جانبين هامين للوصول لتعلم الطلاب الأعمق.
ولكي يتمكن الطلاب من ممارسة النقاشات المبنية على الاستفسار (الاستقصاء)، يجب على المعلمين بناء نموذج لمهارات التفكير وتوضيحه بشكل مفسر للطلاب، من خلال التفكير بصوت عالي وبناء علاقات بين المفاهيم التي قد تبدو غير مترابطة، التعلم الأعمق ببساطة بحاجة لتدريس أعمق.
2.     بناء جماعة صفية قائمة على التساؤل
إنشاء جماعة قائمة على ثقافة التساؤل، بما يتضمنه ذلك من احترام المتعلمين لأفكار الآخرين ومشاركة أفكارهم الخاصة بحرية، عدم الرهبة من الوقوع في أخطاء
لتجعلهم يقتنعوا بفكرتك، يمكنك أن تبدأ مثلا بنشاط "كرة الجماعة"أو "كرة الغزل"، ليجلس الطلاب في دائرة ويبدأ كل منهم في إعطاء معلومات عن نفسه بينما يقوم بلف خيط حول قطعة من الورق المقوى، بعد أن ينتهي الجميع من التحدث، قم بعقد طرف من الخيط وقص الطرف الآخر، إن كل الخيوط المتشابكة الآن تمثل قصص المجموعة، وتساهم في توضيح أهمية كل فرد للجماعة.
يجب على المعلمين أن يعلموا طلابهم الاستماع إلى أفكار الآخرين بتمعن، وإعطاء الوقت الكافي للاستماع إليها واستيعاب المعلومات،  كرة الجماعة تساعد على تيسير الوقت للتساؤل والتأمل واحترام المتحدث خلال المناقشات الصفية
3.     البدء ببساطة وتدريب العقول يوميا
تعلم كيفية التفكير مشابهة لعمل الفنان في إحكام قطعته الفنية والوصول بها إلى درجة الكمال، إنه يتطور مع الوقت ويتطلب ممارسة وافية، لا يمكن أن يظهر التعلم العميق باعتباره نشاط ذو طبيعة خاصة، ولكن بالأحرى كبديل للتدريس السطحي، كمقدمة لمهارات التفكير والتساؤل، أنصح باستخدام كتب الطلاب المصورة أو إعادة إنتاج الفنون البصرية، فالدرس والمغزى البسيط في قصص الأطفال وكذلك تأويلات الفن تسمح بالنقاشات التي تركز على بناء مهارات التفكير، البدء بنص معقد ربما يكون معاكس لهدف التعلم، والذي يجب أن يكون تطوير جماعة ممارسة للتفكير بصورة تمهيدية.
ومع مرور الوقت سيقوم الطلاب ببناء المهارات اللازمة لتحليل وثائق ونصوص ومصطلحات أكاديمية أكثر تعقيدا، ويرتفع أدائهم لملاقاة المعايير الأساسية لفنون اللغة.
4.     بناء تعلم معاصر (ذا صلة)
عندما يقوم الطلاب بإعادة رواية أو تخيل محتوى التعلم مع لمسة معاصرة، فإن ذلك يجعل من التعلم يزيد من صلته ومعناه، ويجعله أكثر قربا لخصائص الجيل الحالي من الطلاب، عند مراجعة وثيقة تاريخية، اطلب من الطلاب أن يعبروا عن مضامينها بمصطلحاتهم المعاصرة، مما يسمح بتعميق فهمهم لمعانيها، وتطوير طرق إبداعية للتفكير في المعلومات، ومن ثم تتطور قدرتهم على بناء العلاقات والتفكير خارج الصندوق.
5.     توظيف المصادر التقنية
استمر البشر لفترة طويلة من الزمن يتواصلون عبر القصص والرموز والكتابة والنقاش عبر التاريخ، لم تعد تلك هي الخيارات الوحيدة المتاحة للمعلم المعاصر، من المتاح حاليا للمعلم العديد من الأدوات التقنية الشيقة التي من شأنها أن تساعد في دعم التعلم الأعمق، تويتر، المحادثات الجماعية والمدونات والعديد من الأدوات الأخرى التي توسع من نطاق النقاش وتثريه، سواء من خلال ما تتيحه من فترة للتدبر في المداخلات، حيث يمكن للمفاهيم المتعلمة حديثا أن تصبح أكثر عمقا من خلال تحليلها ومقارنتها بالمعلومات الأحدث مع الوقت، الأدوات التقنية تتيح فرصة للتفكير الممتد.
إن تأسيس ثقافة مبنية على التساؤل لهو من الضرورات اللازمة للوصول لتعلم الطلاب الأعمق، وفن التفكير يزدهر من خلال بيئة تعلم آمنة عقليا وجسديا وعاطفيا، يتم تطويرها بحرص من خلال معلم الصف، حيث تنمو الأحكام الفلسفية وتدعم في كل من المعلم والمتعلم، فالتعلم الأعمق لا يكون بغير تدريس أعمق.

كاتب المقال: Elizabeth Garcia

رابط المقال الأصلي: http://www.edutopia.org/blog/preparing-classroom-culture-deeper-learning-elizabeth-garcia

اليوم الخامس: عن خرافة الطالب المتوسط

$
0
0
 نحو ممارسة علمية للفروق الفردية

ينغص خاطري عبارات يقدمها المسؤولون من نوعية "الامتحان في مستوى الطالب المتوسط"أو "خبرات المنهاج في مستوى الطالب المتوسط"، أي نظام تعليمي هذا الذي يسعى لانتاج أنصاف موهوبين وتخريج أنصاف متعلمين! الطالب المتوسط هو خرافة تعشش في أذهان المتبجحين من الرسميين والمتنطعين من التربويين والأكسل بين المعلمين، لا وجود للطالب المتوسط إلا في تصوراتهم التي يحاولون فرضها على الواقع وعلى الآخرين، الدرس العملي الأول في قيادة السيارة، وقد خضت العديد من هذا الدرس الأول، أن السيارة ستتوجه حيثما تتوجه عيناك، فإذا كان هذا هو كل ما يسعى إليه واضعي المناهج، فلن يتحقق ما هو أكثر من ذلك، إلا على شكل حالات فردية.

وينبع ذلك الاعتقاد من التقسيم الذي يعتنقه الكثر من التربويون والمعلمون، يكاد يكون الأسلوب المعتمد رسميا، وهو تصنيف الطلاب إلى ثلاثة مستويات (متقدم، متوسط، ضعيف) والتعامل مع كل مستوى بحسب احتياجاته، لذلك فليس من المستغرب أبدا أن تجد ضمن خطة الدرس في دفتر التحضير في خانة الوسائل أو التنفيذ العبارات التالية بتنويعات مختلفة ولكنها تؤدي جميعا إلى نفس المعنى:
المستوى المتقدم: شرح الدرس
المستوى المتوسط: شرح الدرس مع استخدام خبرات بصرية
المستوى الضعيف: شرح الدرس مع استخدام خبرات محسوسة

وغني عن البيان أن المشهد الدراسي لا يسمح بتنفيذ تلك الاستراتيجية، فلا الوقت ولا الامكانات تتيح للمعلم أن يمارس ذلك، وفي الكثير من الأحيان هي مجرد عبارات لا تتجاوز نطاق الحبر المكتوب بها، أو يتم تنفيذها بشكل سطحي وغير مؤثر، ودائما ما  احذر طلابي من اتباع هذه الطرق لأسباب عدة:

أولا: لأنها آلية لا أخلاقية، فدورنا كمعلمين "التشخيص"وليس "التصنيف"، وخصوصا أن تلك الأحكام التي نطلقها على طلابنا تكتسب بمرور الوقت وتداولها بين المعلمين في الصفوف والمباحث المختلفة صفة الأحكام القطعية (فلان ضعيف في الرياضيات، فلانة لا تستطيع الحفظ إلا إذا جعلتها تكتب القطعة عدة مرات......)

ثانيا: أنها قائمة على معيار واحد وحيد، وهو درجة أو علامة الامتحان أو الامتحانات المختلفة، ومدى قدرة الطالب على التمدرس، بالمعنى الحرفي للكلمة، أي البقاء لساعات طويلة في المدرسة، الانصياع لكل ما يصدر عن المعلم من تعليمات، الالتزام الحرفي بمنهاج أو كتب تتناول مباحث تعليمية بعينها، اتباع أعمى غالبا لاجراءات أو طرق تدريس محددة، ومن المعروف في نظامنا التعليمي ارتباط الامتحان بالقدرة على الحفظ "الصم"حتى الأسئلة التي تقيس مستويات تعليمية أعلى، تتحول هي الأخرى إلى حفظ مجموعة من الاجراءات، تلك الطريقة في التعلم قطعا لا تناسب كل الطلاب، ولا أبالغ إذا قلت أنها تقضى على كثير من فطرة التعلم لدى معظمهم، وتحولهم إلى كائنات مدرسية، تقتات على فتات ما يقدمه المنهاج

ثالثا: حتى لو فكرنا بذلك المنطق، فهي أيضا أنها غير مفيدة، فلا هي تتيح للطالب المتفوق المزيد من الإبداع، ولا هي تسمح للطالب المتوسط بارتفاع مستواه، أنها فقط تسمح له بمتابعة الدراسة على نفس المستوى في أحسن الأحوال، هي فقط تسمح للطالب بالاستمرار على المستوى الذي قررت أنه ينتمي إليه.


الغريب عند مناقشة تلك الأفكار مع المعلمين، يعترف معظمهم بأنها طريقة غير عملية، إلا أنهم دائما ما يسوقون الحجة الدامغة "ولكن هذا التقسيم ضرورة ، وإلا كيف يمكن لي أن اتعامل مع الفروق الفردية في الصف؟"حسنا دائما ما يكون ردي ما المقصود "بالتعامل"هنا؟، هل المقصود هو ابقاء الحال على ما هو عليه؟، لا أعتقد أن ذلك هو الرؤية الصائبة، الرؤية الصائبة هو الوصول بالجميع لمرحلة الاتقان، وفقا لمعايير أكثر مرونة وأكثر علمية
قدم لي العديد من زملائي حلولا عملية للتعامل مع الفروق الفردية، قامت احداهن في مجال التربية البيئية بتحويل المقرر إلى بحث اجرائي، قسمت الطالبات إلى مجموعات وقامت معهن بوضع قائمة بالمواضيع البحثية التي يرغبن في بحثها في البيئة المحيطة، ويشعرن أنهن قادرات على أحداث تغيير فيها، لم تدرسهن إنما دربتهن على كيفية اجراء البحث الاجرائي، حولت الحصص التقليدية إلى ما يشبه السيمنار، تناقش فيه الطالبات بعضهن بعضا حول طروحاتهن وأسئلتهن البحثية وأدواتهن، وفي نهاية الفصل الدراسي قامت الطالبات بعرض نتائج أبحاثهن، تم تقييمهن من خلال لجنة علمية، كما تم استخدام أدوات التقييم التقليدي، من خلال امتحان تشاركن فيه مع شعب أخرى درست وفق المنهاج التقليدي، بالطبع كان واضح التميز لصالح مجموعة البحث الاجرائي، تسمى تلك بطرق التعلم القائمة على البحث Research based learning

زميلة أخرى اعتز بزمالتها إلى أقصى حد، دعتني للمشاركة في تقييم لمسابقة انتاج أفلام تعليمية من انتاج طلابها، مجموعة من الشباب والصبايا الرائعين في الصف الثامن، ادعت أن ذلك من الهام الزمالة بيننا، خلال ساعتين تقريبا شاهدت مع لجنة التحكيم عشرات الفيديوهات لا يزيد أيا منها عن أربع دقائق، تناول كل منها مفهوما علميا محدددا (الثلج، الشيفرة الوراثية، الانقسام، البومة، البراكين............) من خلال توظيف كل الأدوات الفنية المطلوبة (الصور ، النصوص، التحريك، المؤثرات الصوتية والبصرية.....)، أمكن لمعظمهم أن يقدم تعريفا لفكرة فيلمه وطريقة العمل فيما لا يزيد عن دقيقة ، واجهت صعوبة والمحكمون الأخرون في الوصول إلى نتيجة نظرا للتقارب الحاد بين مستوياتهم......هل يمكن أن يكون هذا "حل"للتعامل مع الفروق الفردية؟، يسمى ذلك بالتعلم التحويلي Transformational learning ، وهو يعتمد على وصول المتعلم لدرجة من اتقان موضوع التعلم من خلال عمله على توظيف المعلومات في بناء منتج معرفي.

تلك حلول احترافية يمكن للمعلمون ممارستها بل واتقانها بشيء من الصبر والاطلاع والتدريب، أحاول دائما أن أحرض طلابي عليها لكن لا تسمح غالبا ظروف التدريب بتحقيقها، عادة ما أميل إلى تطبيق استراتيجيات تعتمد على عمل المجموعات باعتبارها الوسيلة الأنسب للتعامل مع الفروق الفردية.

"لا أريد أن استمر"
كان ذلك رد فعل هبة العصبي بعد أسبوع من التعامل مع الطلاب، لم تكن تقدر الوضع بتلك الطريقة، انهم متمايزون في كل شيء، هناك مجموعة من الطلاب يمكنهم دراسة الكتاب بمفردهم وغالبا لا يعيرون اهتمامهم بالكامل للحصة، بينما البعض الآخر  لا يستطيع حتى كتابة أسمه، البعض مشاغبون لا يستطيعون الجلوس لدقيقة، آخرون لا يسمع لهم صوت أو حتى لا تشعر بوجودهم في الصف، ومن خلال النقاش كان الحل الأفضل هو اللجوء إلى عمل المجموعات.
في معظم الأحيان، لا يسمح المعلمون المتعاونون لطلابي باستخدام عمل المجموعات، وغالبا ما يعتبرنها اضاعة للوقت تحت العديد من الذرائع والحجج "لقد جربنا هذه الطريقة ولم تفلح بسبب:
·        الصفوف مزدحمة ولا تصلح للعمل الجماعي، أو
·        الوقت المخصص للدروس غير كاف لعمل المجموعات، أو
·        الطلاب غير متعاونون ولا يقومون بعمل المطلوب منهم، أو
·        المنهاج لا يسمح بذلك، أو
·        لا توجد الوسائل اللازمة لذلك، أو
·        الإدارة لا تقدم التسهيلات المطلوبة، أو....
وغالبا ما تكون كل تلك الحجج مجتمعة، إلا أن خبرتي دائما ما تعطيني تفسيرات أخرى تبرر عدم نجاح عمل المجموعات، هي ببساطة غياب المهارة الكافية لدى  الكثير من المعلمين في إدارة عمل المجموعات، فغالبا ما يتم تكليف المجموعات بمهام لا تتسق مع طبيعة عمل المجموعات، مهمات ذات طبيعة فردية يتم تكليف المجموعة بها (مثل حل تدريبات الكتاب) أو عدم التوضيح الكافي لطبيعة المهمة (تقديم ارشادات غير كافية) أو عدم تقسيم العمل وتوضيح الأدوار داخل كل مجموعة........أو غير ذلك من الكفايات اللازمة لنجاح عمل المجموعات، وغالبا ما يستسلم المعلم أو المعلمة بعد أول أو ثاني مرة على أقصى تقدير.

بعد حوار مع المعلمة استطعت اقناعه خلالها بخوض التجربة، ساهمت المعلمة مع هبة في بناء الاستراتيجية المطلوبة، حيث تم الطلب من كل مجموعة أختيار  أحد أشكال الأحافير أو التراكيب الرسوبية، وبناء مجسم وعرضه أمام المجموعات الأخرى، وتم تقسيم العمل داخل كل مجموعة (قائد أو ميسر، الباحث عن المعلومات، تصميم النموذج، اختيار المواد وتنفيذ النموذج، العرض) كما تم خلال اللقاءات التالية الاتفاق مع الطلاب حول معايير تقييم العمل، وبعد الانتهاء من العروض تم تقديم امتحان للطلاب مباشرة، وكانت الفروق الفردية أقل بينهم أقل من أن تذكر، وبعد أسبوعين من خلال امتحان شامل لكل المادة، كانت اجابتهم على الأسئلة الخاصة بهذا الجزء هي الأفضل من كل أجزاء المنهاج، وأكثر ما اعجبني هو اعتراف المعلمة بأن الوقت المستغرق أقل بكثير من اللازم لطريقة التدريس التقليدية، واعترافها بشعورها بالمتعة من خلال فريق العمل الخاص بها هي وهبة، وكيفية تبادل الأدوار في ارشاد الطلاب خلال العمل.

حنان كذلك واجهت مشكلة في تعليم القراءة وفق الطريقة التقليدية للصف الرابع (تقرأ المعلمة ثم الطلاب المتقدمون ثم الطلاب المتوسطون وبالنهاية الطلاب الأضعف)، لاحظت أن ذلك لا يحسن مهارات الطلاب إنما "يثبت"مستواهم وفقا للتقسيم السابق، وأنه من المستحيل أن تخصص الوقت الكافي لكل طالب للتدريب على القراءة، ومن خلال عدة مشاورات استقر رأيها على تطبيق طريقة "القراءة الثنائية"حيث تقوم بتنظيم الطلاب في مجموعات من طالبين، يتبادلان القراءة والتصحيح، في البداية كان الأمر مربكا لها، إلا أنها استطاعت مع مضي الوقت وتشجيع المعلمة المتعاونة، أن تحقق تقدما.

أسعدني أن كلتيهما اتفقتا على أن تلك الطريقة بمثابة "فتحا"جديدا لهما في تعليم القراءة، طورت حنان بعد ذلك من خلال عملها في مدرسة خاصة أسلوب تنظيم مجموعات القراءة، وأصبحت تتقن ممارسة الإشراف على مجموعات، كما طورت أساليبها الخاصة في تكوين المجموعات، بما يسمح لها باكتشاف المشكلات في قراءة الطلاب وأساليب علاجها.


لا يمكنني الادعاء أن تلك هي الطرق الأفضل في التعامل مع الفروق الفردية، بالتأكيد هناك المزيد من الطرق والاستراتيجيات التي سأتعلمها مع زيادة خبرتي وعملي مع الطلاب والمعلمين، ولكن النتيجة الجوهرية أن الطرق الملائمة التي تسمح لكل طالب بالتعبير عن ذاتيته، والتفاعل مع أقرانه من أجل الوصول إلى أعلى مستوى تسمح له به مهاراته، وتطوير تلك المهارات وصولا لاتقان التعلم، وفقا لرؤية أكثر مرونة وشمولية لعملية التعلم.

أفضل 10 أفلام عن التعليم انتجتها هوليود

$
0
0
أعظم أفلام أنتجتها هوليود عن التعليم

تعد صناعة الأفلام في هوليود واحدة من أعظم الصناعات الفنية وأكثرها انتشارا، حيث تدر سنويا ما يفوق ميزانيات دول مجتمعة، وتخاطب السينما الهوليودية بالأساس المشاهد الأمريكي، باعتبار أن معظم وارداتها عن طريقه، وفي سبيل ذلك تتنوع إنتاجاتها بين التشويق والإثارة والعنف والكوميديا والحب والمغامرة والخيال العلمي، إلا أنه بين كل فترة وأخرى لا تلبث الشاشة العملاقة أن تتحفنا بعمل سينمائي يتناول الحياة التعليمية، ويشكل إلهاما للكثير من المعلمين والطلاب داخل الولايات المتحدة وخارجها، وهو ما تفتقر إليه السينما العربية تماما، حيث أن صورة المعلم في الأفلام العربية لا تتجاوز النمط التقليدي الهزلي المعهود ، والذي غالبا ما ينال من صورة المعلم واحترامه.
إذا كنت من هواة الأفلام، وتبحث عن الإلهام والتحفيز لمهنتك التعليمية، أنصحك بمشاهدة هذه الأفلام:

1.      كتاب الحرية  Freedom Writers (2007)
الفيلم عن قصة حقيقية، ويتناول حكاية المعلمة إرين جرويل Erin Gruwellمعلمة اللغة الانجليزية التي تنتقل للتدريس واحد من أفقر أحياء كاليفورنيا وأخطرها، حيث الطلاب محاطون بشتى أنواع العنف والجريمة والمخدرات، ويفتقدون لأي اهتمام بهم من الأهل أو المؤسسات الرسمية، ويلجئون للمدرسة تجنبا للسجن غالبا،  بالإضافة إلى التفرقة العنصرية داخل الصف بين البيض والسود والهيسبانيك (من أصول لاتينية) ، وفي سبيل التغلب على كل هذه الصعاب تقوم المعلمة (تقوم بدورها هيلاري سوانكHilary Swank ) ببذل كل طاقتها لاعادة إيمانهم بأنفسهم والتغلب على كل المشاكل، وفي سبيل ذلك تضطر للعمل بأكثر من مهنة لتوفير النفقات اللازمة لأنشطة الطلاب، حتى تتمكن في النهاية من إصدار كتاب من تأليفهم تحت أسم (كتاب الحرية)


2.      جماعة الشعراء الموتى Dead Poet Society  (1989)
أعظمهم على الإطلاق، وفيه يقوم روبن وليامز Robin Williams  بدور المعلم جون كيتينجJohn Keatingالذي يعود للتدريس في مدرسته الأرستقراطية المحافظة، والذي يكسر قواعد المدرسة ويحرض الطلاب على عدم الانصياع لرغبات الآخرين فيما يتعلق بحياتهم وقراراتهم الخاصة، ويحفزهم على بناء شخصياتهم كما يؤمنون بها لا مجرد كأشخاص عاديين، ويشجعهم على عدم التسليم بالآراء الجاهزة والحكم المقولبة بدون اخضاعها للتدقيق النقدي والعاطفي

3.      رجل بدون وجه The Man Without a Face  (1993)
عن العلاقة المميزة بين المعلم والطالب، جستين ماكلويد Justin McLeodمعلم سابق تم طرده من نظام التعليم بسبب مكيدة دبرها له أحد طلابه، واحترق وجهه وهو يحاول إنقاذ ذات الطالب من حادث احتراق سيارة، ويعيش معزولا عن المجتمع بسبب ذلك، يلجأ إليه ولد من الجوار يتهمه الجميع أسرته وأصدقاؤه ومعلموه بالغباء والخرق، إلا أنه يرغب تجاوز الاختبارات ليتمكن من مغادرة منزله الذي لا يشعر بالراحة فيه، لذلك يطلب مساعدة جستين الذي يلعب دوره ميل جبسون Mel Gibson(وهو مخرج الفيلم أيضا)، والذي يساعده على اكتشاف مواهبه وقدراته الإبداعية بطريقة مشوقة، حتى يصبح مصدر فخر لأمه وعائلته، وفي نفس الوقت الذي يساعده الولد فيه على كسر أسوار عزلته والعودة للاندماج في المجتمع مرة أخرى.

4.      قف وعلم Stand and Deliver  (1988)
يستعرض قصة حقيقية للمعلم Jaime Escalanteوهو معلم تقليدي من أصول لاتينية، يعود للتدريس في مدرسة في حي من أحياء الهيسبانيك والذي يعاني طلابه من العنف والجريمة، ولا يقدمون أي اهتمام أكاديمي، ويساعدهم اسكلانتي على التفوق في الرياضيات والالتحاق بأفضل الجامعات وبناء مستقبل مشرق لهم، وتبلغ أحداث الفيلم ذروتها حينما يحصل الطلاب جميعهم على علامات امتياز في الرياضيات، إلا أن الإدارة التعليمية ترفض هذه النتيجة بناء على سجلاتهم السابقة، وتهددهم جميعا بسحب شهاداتهم بدعوى الغش، مما يضطرهم لخوض الامتحان مرة أخرى، ليحصلوا جميعا على علامات مرتفعة، ويعتبر جيمي اسكلانتي من أبطال المجتمع اللاتيني في الولايات المتحدة في السبعينات ورمز للنضال من أجل مجتمعه.

5.      المليونير المتشرد Slumdog millionaire
يتناول الفيلم قصة كفاح شاب هندي مشرد في سبيله للحياة بكرامة بعيدا عن عالم الجريمة، وحتى حصوله على الجائزة الكبرى في برنامج "من سيربح المليون"في نسخته الهندية، وعلى الرغم من أن الفيلم ليس تعليمي في جوهره، إلا أنه يقدم قيمة تعليمية حقيقية، ففي كل مرة كان يسأله المقدم سؤالا، كان الفتى جمال يجيب من خلال خبراته التي مر بها، وهنا تكمن الحكمة التي لا تخفى على أي معلم بارع، وهو أن التعلم المقاوم للنسيان هو التعلم من خلال الخبرات الواقعية، إذا أردت ألا ينسى طلابك المعلومة، لا تكتفي فقط بجعلهم يرددونها عدد لا نهائي من المرات، بل يجب عليهم أن يعيشونها لتبقى حية في وعيهم.

6.      باتش آدامز Patch Adams  (1998)
فيلم آخر عن قصة حقيقية، وهو أيضا ليس ذا طابع تعليمي في جوهره، إلا أنه يقدم العديد من القيم التعليمية، وتدور أحداثه حول قصة حياة باتش آدامز وهو طبيب وكوميدي أمريكي وناشط اجتماعي وكاتب ومهرج كذلك، ينتقل من حالة الانهيار العصبي ومحاولة الانتحار  إلى الرغبة في أن يصبح طبيبا، لكنه يقدم نوع فريد وجديد من الأطباء، الطبيب الذي يهتم بمرضاه وسعادتهم وشعورهم بالبهجة في مقابل التعالي والصلف الذي يقدمه الأطباء الآخرين، ويحاول دائما أن يندمج مع مرضاه دائما في حياتهم ومساعدتهم على التغلب على آلامهم وشعورهم بالبؤس والمأساة، اعتقد أن الكثير مننا كمعلمين ستتغير  نظرته للطلاب وكيفية معاملتهم إذا ما أثر فيهم هذا الفيلم، بالإضافة إلى أنه الفيلم الأكثر إمتاعا على هذه القائمة.

7.      عقول خطرة Dangerous Minds (1995)
تدور احداث الفيلم عن القصة الحقيقية للمعلمة لو آن LouAnne (لعبت دورها الجميلة ميشيل فايفر  Michelle Pfeiffer) والتي تتحول من جندية في البحرية الأمريكية إلى معلمة في واحدة من أكثر المناطق عنفا وعنصرية، وتبذل كل جهدها للحفاظ على طلابها من عالم الجريمة، والهامهم للتفوق الأكاديمي، وفي سبيل ذلك تتخطى كثيرا دورها كمعلمة لتنخرط في هذه البيئة الاجتماعية والاقتصادية القاسية، ومن خلال تحفيزهم المستمر وطرقها التعليمية المبتكرة، تساعد حتى الطلاب الذين خرجوا من المدرسة من قبل، على العودة إليها والتفوق فيها، المشهد الأروع هو حينما تتقدم باستقالتها في نهاية العام، بعد حادث مقتل أحد طلابها الذين نجحت في تنحيتهم عن عالم الجريمة، إلا أن كل الطلاب يرفضون ذلك ويجبرونها على الإستمرار معهم.

8.      مدرسة الروك  School of Rock (2003)
فيلم يصعب تصنيفه كفيلم تعليمي، إلا أنه يحوي العديد من الرسائل الهامة، وهو فيلم كوميدي موسيقي، يستعرض قصة Dewey Finn وهو موسيقي فاشل، يتحول للتدريس الجزئي في أحد المدارس الراقية، إلا أنه يفشل تماما مع الأولاد، فيحول اهتمامه من تعليمهم إلى انشاء فرقة روك للهواة من طلاب المدرسة، وينجح ليس فقط في تعليمهم الموسيقى ولكن أيضا في التعاون والعمل جميعا في فريق واحد، حيث يوظف كل منهم مهاراته ومواهبه المختلفة من أجل إنجاح الفرقة، إذا كنت تبحث عن الإلهام في مجال التعلم بالمشاريع، فهذا هو الفيل المناسب، لكن لا تنس أنه فيلم كوميدي.

9.      المناظرون العظماء The Great Debaters (2007)
الفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية في فترة الثلاثينيات من القرن الماضي، إبان فترة تأجج العنصرية ضد السود وكفاح السود المدني للحصول على حقوقهم، حيث يقوم مدرب المناظرة ملفن تولسون Melvin B. Tolson(يلعب دوره القدير دينزل واشنطن) بتدريب مجموعة من الطلاب لخوض مناظرات ضد الفرق الأخرى، وحتى الوصول إلى مناظرة فريق جامعة هارفرد والتغلب عليه، ويستعرض الفيلم كل الاهانات والتحيزات التي عاناها السود في تلك الفترة، من خلال استعراض جهود ملفن وفريقه وكفاحهم حتى الوصول إلى تلك النتيجة العظيمة.

10.  موسيقى القلب Music of the heart
واحد من أرق الأفلام التي يمكن أن تشاهدها وأكثرها إنسانية، تقوم ببطولته الرائعة دوما ميريل ستريب ، عن قصة حقيقية لعازفة الكمان الشهيرة Roberta Guaspariالتي هجرها زوجها بعد سنوات طويلة من العشرة، وتصاب باكتئاب شديد وتنتابها أفكار انتحارية، وفي سبيل التغلب على ذلك فإنها تعمل كمعلمة للموسيقى في أحد مدارس حي هارلم الشهيرة، وعلى الرغم من عدم خبرتها في التعليم، إلا أنها أنشأت برنامجا ناجحا في عدة مدارس من أكثر الأحياء فقرا، ويبلغ الفيلم قمة إثارته حينما يتم تخفيض الميزانية والاستغناء عن روبرتا، فتسعى بكل جهدها لجمع التمويل اللازم لاستعادة البرنامج، ولتحقيق ذلك تقوم بالإعداد لحفل موسيقي يقدمه الأطفال من هذا البرنامج، وعلى الرغم من المعوقات، إلا أنها تستطيع الحصول على الكثير من الدعم من موسيقين مشهورين وطلاب سابقين وآباء ومعلمين لانجاح الحفل، أتحداك أن تقاوم دموعك أثناء مشاهدة الفيلم أو ألا تشعر بالحماس والفخر تجاه عملك كمعلم.


اليوم الخامس: في الدفاع عن الكتاتيب

$
0
0
لما كان كتاب الله وسنة رسوله هي عماد الشخصية المسلمة، ومحور تفوقهاوحضارتهافي الأزمنة السابقة، فقد سعى الغرب الصليبي منذ هجمته الاستعمارية الاستشراقية الأولى إلىمسخ تلك الهوية، وكانت إحدى أدواته هي القضاء على الكتاتيب، والتي حققت وظيفتها دوما في حفظ الحدث لكتاب الله في عمر صغير، وبالتالي الترسيخ لمبادئالشريعة الأسلامية واللغة العربية، وقد تمكن المستعمر من ذلك بعدة وسائل، أهمها ترسيخ نظام التعلم المدني وربطه بالحصول على الوظائف والترقي فيها في الدول المستعمرة، وكذلك بتوظيف المعجبينبالغرب وحضارته في المناصب المهمة المسؤولة عن صياغة خطط التعليم الوطنية، والسخرية و"التشنيع"على شيوخ الكتاتيب وطرقهم في التعليم والتعامل مع الأطفال. وبالتالي فإن عودة الكتاتيب هي جزء مهم من الدعائم الأساسية لأي مشروع نهضوي عربي/ إسلامي.

ذلك هو موجز الطرح المنادي بعودة الكتاتيب والتباكي عليها، والغريب أنه يصدر عن قطاع لا بأس به من المثقفين وحملة الشهادات الجامعية العليا، ومعلمي الجامعات الذين يلقنون الأجيال الجديدة تلك الأفكار النابهة، ويرى معظم المنادين بذلك أن للكتاب قدرة على التأسيس الأخلاقي والديني والعلمي، بالشكل الذي نراه في قرون عظمة الحضارة الإسلامية، حيث أخرجت الكتاتيب أجيالامن عظماء العلماء في ذلك العهد، بما يضمن عودة المجد القديم الذي صاحب نشأة وترقي الحضارة الإسلامية.
ولعل التساؤل الرئيس هنا حول عودة الكتاتيب، هو "من أين تعود؟"فالكتاتيب لم تغادرنا كي تعود، مازالت نسبة كبيرة من المعلمين يتعاملون مع طلابهم بعقلية الكتاتيب، "احفظ ما هو مقرر عليك"تبدو النصيحة الذهبية للترقي في نظامنا التعليمي، ربما يجب علينا القضاء على ما بقي من أشباح للكتاتيب داخل عقولنا، إذا ما رغبنا في التقدم.

وبعيدا عن الادعاءات الثقافية الخاصة بالحداثة ومنتقديها،وبعيدا كذلك عن الصورة الهزلية التي رسختها الأفلام والمسلسلات على مر العقود الأخيرة، يمكن تحليل النمط التعليمي للكتاب كما ينتظم في مخيلة  مشجعيه، وسنجد من خلال التالي أن سماته المميزة تترابط بشكل عضوي لا يسمح بفصل إحداها عن الأخرى، وهي:

·        قداسة النص وسلطة المعلم:
للقرآن الكريم قدسية خالصة فهو كلام الله وكتاب المسلمين، ذلك ليس محل جدال بين عموم المعلمين والمتعلمين، إلا أن تلك القداسة تنسحب بالتبعية على كل من عملية التعليم والقائم عليها، وبالتالي تصبح آلية التعليم أعلى من انتقادها، وكذلك آداء المعلم أو شيخ الكُتاب.
·        العقاب:
امتازت الكتاتيب باستخدام العقاب البدني والنفسي بتوسع، فهي امتياز يمنح للمعلم من قبل المجتمع بهدف تقويم سلوك الطلاب، ودفعهم على بذل أقصى جهودهم في حفظ آيات التنزيل، وبالتالي فليس من المستغرب أن المنادينبعودة الكتاكتيب يعارضون ما تنص عليه الأنظمة الحديثة من تجريم للعقاب البدني للطلاب، وسحب تلك الميزة من المعلم.
·        الارتكاز على الحفظ كمهارة وحيدة:
لم تهدف الكتاتيب إلى تطبيق الأمر الإلهي بالتفكر والتدبر في آيات الله، إنما إلى حفظ كتاب الله واستظهار آياته (نفس المقاربة التي تجعل الكثير من الخطباء والمربين يتوقفون عند الأمر الإلهي "اقرأ"ولا يتطرقون لآيات التدبر) وبالتالي فهي تنميملكة الحفظ، بل ترتكز عليها باعتبارها المهارة الوحيدة الجديرة بالاهتمام. وتساوي العديد من كتابات الأقدمينبين معنى الاستيعاب ومعنى الحفظ، خلافا لما تقوم به التصنيفات الحديثة من ربط الاستيعاب بالفهم، وحتى عند التطرق لمجالات معرفية أخرى مثل الحديث أو التفسير للأعمار المتقدمة، لا تتجاوز الكتاتيب التركيز على مهارةالحفظ.

وإذا ما قمنا بتطبيق هذا النمط المعرفي على واقعنا التعليمي، سنجد آلاف الحصص المطابقة لهذا النمط، بغض النظر عن المجال المعرفي، أحذر أن أقع في مبالغة القول أن معظم معلمينا ينساقون لها النمط التراثي، ولكن يمكنني بضمير  مطمئن أن أشهد أن ما يزيد عن سبعين بالمائة من الحصص التي حضرتها كانت تلك الخصائص هي السمات الرئيسة لها، مع استبدال الكتاب  المقرر عوضا عن بالقرآنالكريم، مما يسمح لنا بالتحدث عن "كتاب الرياضيات"و"كتاب الفيزياء"و"كتاب اللغة الإنجليزية".
ولأدفع جدالي إلى الأمام، وأعطي لطرحي القوة التي أبغيها، فإن نقطتي الرئيسة هي أن الكُتاب  لا يصلح حتى للتدريس في مجاله الأساسي، أي القرآن الكريم....حفظه وتلاوته وتفسيره، وعلى الرغم من عدم تخصصي في أساليب تدريس التربية الإسلامية وعلوم الشريعة، إلا أن خبرتي كمتعلم قبل أن أكون معلما، تنبئني بأن معلمي التربية الإسلامية هم الأقل تنوعا في طرق تدريسهم، والأقل استخداما لوسائل تعليمية فاعلة، والأكثر التزاما بطرائق التعليم التلقينية، وباستثناءات قليلة، كانت حصصهم هي الأقل جذبا للطلاب.

لعل تلك القناعات المشتركةهي ما جعل "ميادة"تلجأ لمشورتي، فمع خبرتها بأن الطلاب يواجهون جهودها التعليمية بالنفور، وعدم تقديم مشرفها للعون الكافي مما تبغية من طرق قادرة على جذب الطلاب إلى المحتوى المقدم، كانت تعرف أن الحل موجود في مكان ما خارج تخصصها في الشريعة، وكانت تبحث عنه بضرواة في أساليب تدريس التخصصات الأخرى، مثل العلوم واللغة العربية والدراسات الاجتماعية.

ترسخت قناعتها بأن من الممكن ترسيخ شخصية فعالة وذهنية متفتحة من خلال التربية الإسلامية، خاصة مع شمولها لأمور الحياة، كما اعتقدت أنها إذا ما أعطت للمقرر الحيوية المطلوبة، فسيساعد في تنمية أشخاص أكثر  إقبالا على الحياة والإبداع، يملكون قاعدة دينية تبعدهم عن تيارات التطرف والإلحاد..

ومن خلال عدة نقاشات مطولة قررت أن تخوض تجربتها الخاصة، على الرغم من معارضة معلمات التخصص في المدرسة لخطتها، ربما كانت أول حصة للتربية الإسلامية تقدم في مختبر الحاسوب، فبعد أن قدمت الدرس طلبت منهم الاستماع إلى الآيات المقررة من خلال الملف الموجود على كل حاسوب، طلبت من كل واحد منهم أن يسجل الكلمات الجديدة عليه أو التي لا يعرف معناها على ورقة منفصلة، وبعد أن تبادلوا الأوراق قام كل طالب بالبحث عبر الانترنت عن معاني الكلمات وقام بشرحها لزميله، مهد هذا التعاون المتبادل على تأسيس فهم مشترك، وهو هدفها من النشاط، حيث قامت بتقسيمهم إلى مجموعات وتوجيه كل مجموعة إلى عدة مصادر، وطلبت من كل مجموعة تجهيز عرض عن معنى الآيات، يشمل ذلك الاستعانة  بالأهل أيضا.

في الحصة التالية، قامت كل مجموعة بعرض آرائها أمام بقية الصف، وتبادلوا النقاش وتعاملوا مع اختلاف الآراء بمنتهى الجدية، على الرغم من أنهم لم يتعدوا عامهم الدراسي السادس، كان دورها فقط يقتصر على تنظيم النقاش والتذكير بالوقت المخصص لكل مجموعة، طلبت من كل طالب أن يعبر عن تفسيره بناء على الآراء التي سمعها خلال الحصة، ألمحت لهم أن لهم الحرية في استخدام الأسلوب المناسب للتعبير، كما طلبت منهم حفظ الآيات من المصدر المتاح عبر الانترنت.

وحدث ما كانت تتوقعه تماما، فقد بحث كل منهم عبر الانترنت عن أشكال مختلفة لعرض أفكاره، وبينما قام البعض منهم بتلخيص الآراء المذكورة في الحصة كتابة مع الإشارة لمناطق الاختلاف ورأيه فيها، فإن البعض الآخر قام بتصميم عرض تقديمي يتضمن الآيات وتفسيرها في تناسق بديع، كما تمكن البعض الآخر أن يصمم خارطة ذهنية أو مفاهيمية لمحتوى الآيات وتفسيرها، شعرت بسعادة غامرة خلال تبادلهم للأعمال وتعقيبها عليهم، كان أكثر ما أسعدها هو ذلك الانخراط في مناقشة المحتوى وكذلك الجدية التي تعاملوا بها مع الموضوع كما لو كانوا كبارا.

كل العلامات أكدت لميادة أنها في الطريق الصحيح، فبالاضافة إلى استيعاب الطلاب لمعاني الآيات وأسباب نزولها والدروس المستفادة، فقد كان آداؤهم في تسميع الآيات ممتازا، حتى الطلاب الأقل انخراطا قد أدوا المهمة بأقل قدر من الأخطاء، ولأول مرة منذ عملها في المدرسة تأتي الأمهات خصيصا كي يشكرنها أو يسألنها عن الاهتمام الذي صار الأبناء يبدونه في تعلم القرآن الكريم، شجعها ذلك على المضي في استخدام استراتيجيات تعلم أكثر عمقا.


حينما نشير إلى التدفق المعلوماتي الهائل، عبر تقنيات المعلومات والاتصالات، فإن ذلك يشمل العلوم الدينية أيضا، وهنا نجد أنفسنا أمام عدة تحديات، فبالإضافة إلى طوفان المعرفة المتزايد وتعدد صورها، النصوص والمقاطع الصوتية والمصورة والأفلام والوسائط المتعددة والصفحات و.....و.....، أضحت هناك حاجة ماسة لتنمية المهارات النقدية للتفريق بين الصالح والضار، القدرة على الوصول إلى المعلومات الصحيحة والموثقة وتميزها عن المعلومات الخاطئة والمصادر المضللة، هناك ضرورة لتطوير مهارات الأطفال والشباب التحليلية والإبداعية، ليتمكنوا من جمع شتات ماهو متناثر  وتوصيل أفكارهم ورؤاهم إلى الآخرين بصورة فعالة، هذا واجبنا كآباء ومعلمين، ومعلم التربية الإسلامية ليس مستثنى من هذا الواجب، ولا أظن أن الكُتاب  بأساليبه العقيمةيمكن أن يساعد في تحقيق ذلك.

التابلوهات "اللوحات الفنية"الحية: التاريخ والممارسة

$
0
0
مع الاقبال المتزايد على استراتيجيات التعلم الحركي، أصبح مصطلح التابلوهات الحية أكثر استخداما، من أين نبعت هذه الاستراتيجية وكيف تتحقق؟ إن نظرة عن كثب لتاريخ هذه الممارسة تكشف لنا عن أهمية هذه التقنية الرائعة في التربية وبناء الجماعة.


يشير مصطلح "التابلوهات الحية"عادة إلى هواية مسلية، إلا أن كذلك حققت مجموعة من الأغراض في التاريخ الثقافي للولايات المتحدة، وتمت اشتقاقها من الأصل الفرنسي والذي يعني مباشرة "الصور الحية"‘living pictures.’، وقد بلغت شعبيتها ذروتها بين عامي 1830 و 1920، حيث يقوم مجموعة من الأشخاص خلال العرض بتقديم مشاهد من الأدب أو الفن أو التاريخ أو الحياة اليومية على المسرح، بعد أن تفتح الستارة يبقى الأشخاص صامتون وثابتون تماما لنصف دقيقة، مع التركيز  بشكل خاص على ازياء العارضين وأوضاعهم الجسدية وزينتهم الشخصية وتعبيرات وجوههم والاضاءة، وفي بعض الأحيان يصاحبها القاء قصيدة أو مقطوعة موسيقية، كما كان من المعتاد أن يكون هناك إطار خشبي ضخم يؤطر خشبة المسرح، كإشارة إلى الإطار  الذي يحيط بالوحات الفنية عادة.

في انجلترا إبان العصر الفيكتوري تم استخدام التابلوهات الحية كتسلية منزلية تسلي الضيوف وتخرطهم في تقدير أعمق للفن، أما في الولايات المتحدة فقد تم استخدامها بداية للرغبة في الترفية الجمالي، إلا أنه مع انتشارها في نهايات القرن التاسع عشر، مع وجود أدلة مطبوعة تشرح طرق تنفيذها، فقد استخدمها الأمريكان الشباب بغرض هوياتهم الشخصية والجماعية، وكما يشير المؤرخون فقد انتشرت في المدن الصغيرة والبلدات الناشئة، مشاهد دينية تمثل الحجاج أو رمزية مثل "الولايات الثلاثة عشرة الأصلية"، كما يشير البعض إلى أن النساء أيضا استخدموها للتعبير عن رؤاهن لهوياتهن الشخصية والمجتمعية، وبشكل عام ساهمت التابلوهات الحية في مساعدة الناس على استكشاف أوجه جديدة لهويتهم أو ترسيخها.


ومع بدايات القرن العشرين، اصبحت التابلوهات الحية تستخدم كوسيلة للمعارضة، فمثلا وبما أنها شكل مألوف لديهن، فقد قمن بتشخيص لوحات شهيرة مثل "جان دارك"أو "العذراء"بالطريقة التي تعلن بشكل رمزي عن حق النساء في التصويت، وفي أحد الحالات استخدمها عمال النسيج في نيو جيرسي للاحتجاج ضد الأوضاع المعيية السيئة، كما تم تمثيل مشاهد على شكل لوحات حية من "نجمة أثيوبيا" (رواية تؤرخ لتاريخ اضطهاد الأمريكيين من أصل أفريقي) في الاحتفال بالعام الخمسين لاعلان الاستقلال، وقد يبدو للبعض أن مشاهد صامتة وثابتة ليست السبيل الأمثل للتعبير عن الاحتجاج، إلا أنها بلا شك تركت انطباعا عميقا في عقول المشاهدين والمؤدين كذلك، ذلك النوع من الانطباع الذي يمكن أن يلهم التغيير.

وعلى الرغم من أن ذلك النوع من الفن قد انتهى بظهور السينما، إلا أننا مازلنا نلمح أثاره في الفنون المعاصرة والأداء التعبيري.

التدريس في معارض اللوحات باستخدام التابلوهات الحية:

تشكل التابلوهات الحية أداة هائلة تساعد الطلاب على الانخراط خلال جولة في المتحف، وهي مناسبة للطلاب الحركيين إلا أنها تفعل الخيال لكل الطلاب المشاركين، ومؤخرا خلال جولة في متحف المتروبوليان للفن the Metropolitan Museum of Art، اصطحبت مجموعة من طلابي للوحة "نساء القرية الصغيرات لجوستاف كوربيه" Gustav Courbet’s Young Ladies of the Village، تطوع البعض منهم لتمثيل المشهد بينما قام الآخرون بمساعدتهم على اتقان تفاصيل اللوحة، وقد ساعدت هذه الفعالية على تحقيق ما كنت أصبو إليه: التعمق في التفاصيل، حيث قادتنا إلى الانخراط في نقاش مطول حول العلاقة التي تربط الصبية الفلاحة بالسيدة حسنة الملبس كما صورتها اللوحة.


وفيما يلي بعض الأساسيات التي يجب أن تهتم بها حينما تطور فعالية "التابلوهات الحية"في صفك أو خلال جولة في المتحف:

1.       الهوية: دع طلابك يتأملون تفاصيل الأوضاع الجسدية وتعبيرات الوجه للشخصيات في اللوحة أو التمثال، دعهم يثبتون للحظات وارشد وعيهم بأجزاء جسدهم المختلفة وتعديلها وفقا لما يشاهدون، دعهم يأخذون استراحة ويتأملون اللوحة مرة أخرى، ناقش معهم ما تكشف عنه تفاصيل الوضع الجسدي وتعبيرات الوجه بخصوص هوية موضوع اللوحة، جرب تابلوة حي آخر، لكن اعطهم الحرية في التعديل و التغيير ، ما الذي يعدلونه ولماذا؟
2.       الشخصية: الأزياء والتجهيزات تساعد الطالب على اتقان الشخصية، قسم طلابك إلى ممثلين ومخرجين، اجعل الممثلين يتخذون  الأوضاع الخاصة باللوحة أو التمثال، بينما يقوم المخرجون بتوجية اوضاعهم وتعبيراتهم وفقا للقطعة الفنية، وبينما يبقى الممثل جامدا يقوم المخرج بمناقشة أوجه أخرى من العمل الفني تتعلق بتقديمهم لهذا التابلوة الحي، ثم اجعل الممثلون ينضمون للنقاش ومشاركة أفكارهم عن العمل الفني الذي يقومون بتقديمه.
3.       السرد: قسم الطلاب إلى مجموعات صغيرة، تقوم كل مجموعة مكونة من ممثلين ومخرجين بتقديم تابلوة حي، ثم اطلب من كل مجموعة أن تقدم مشاهد أخرى قبل أو بعد المشهد المعروض في اللوحة الزمنية، ومناقشة كيف تم بناء المشاهد الأخرى بناء على ما شاهدوه في العمل الفني.
4.       السياسة: قدم بشكل عام نشأة التابلوهات الحية، واشرح لهم كيف أن مقطوعات أدبية كانت عادة تقرأ خلال عروض التابلوهات الحية، خلال تقديمهم لتابلوة حي معين، اقرأ  عليهم وهم في وضع الجمود نص أدبي يقدم سياقا للمشهد، مثل خطاب تاريخي أو مقولة مشهورة للفنان، اعطهم استراحة الآن واطلب منهم تأمل اللوحة وطرح أفكارهم حولها بناء على النص الذي سمعوه.
5.       التجريد: تساعد كذلك التابلوهات الحية لمحاكاة الأعمال الفنية التجريدية في اعطاء فرصة للطلاب في تأمل التركيب بشكل أكثر قربا، ومناقشة الأبعاد والعلاقات المكانية للعمل، مما يساعد على طرح أفكار جديدة حول العمل الفني وتصوراتهم الشخصية.

كاتب المقال: SHANNON MURPHY
الرابط الأصلي للمقال: TABLEAUX VIVANT: HISTORY AND PRACTICE

اليوم الخامس: تلك اللامبالاة الساحرة

$
0
0
لم تعجبني شخصية "هبة"منذ اللحظة الأولى، هناك شيء في شخصيتها يوحى باللامبالاة أو أنها لا تأخذ الأمور بالجدية الكافية أو أنها لا تتنبه لما أقوله عندما أتحدث إليها، كان انطباعي قويا لدرجة أنني لم أهتم باصطحاب الكاميرا معي، لم اتوقع أن تقدم شيئا ذا مغزى أو أن تضيف لي جديدا، والزيارة العملية أكدت انطباعي، انتظرتها لما يزيد عن عشر دقائق في غرفة المديرة، انهيت قهوتي قبل أن تحضر، وأخيرا جاءت تحييني وهي تضع يديها في جيبها، أي نوع من الطلاب هذا الذي يحدث معلمه ويديه في جيبه؟!!استمرت يداها في جيبها طوال الطريق إلى الصف، لا تحدثني عن رأيك في معلمة تبدأ درسها ومازالت يداها في جيبها.

وأخيرا أخرجت يديها من جيبها وبدأت في كتابة مسائل حسابية على اللوح، مجرد حصة أخرى من حصص اللوح والطبشور كما أسميها، طلبت من بعض الطلاب أن يخرج لحل المسائل، حسنا ما درسنا اليوم؟ سألت وكأن الموضوع لا يعنيها كثيرا، حسنا من سيقوم بإدارة الدرس؟ إدارة الدرس! هل سيدير الطلاب الدرس؟ والمعلمة المفترضة ماذا ستفعل؟ المعلمة المفترضة جلست على أحدى الطاولات في آخر القاعة واضعة ساقا فوق أخرى، تاركة للطلاب إدارة الحصة!

وهنا كانت المفاجأة السارة!الطالب سأل زملاءه عمن يرغب في مساعدته، طلب من أحدهم الكتابة على اللوح بينما الآخر يعمل على المعداد، كان موضوع الدرس "الطرح بالاستلاف"بدءا من العشرات وحتى الملايين، تعاون الطلاب جميعهم في شرح الدرس وتقديم الأمثلة، قسمت "هبة"الدرس لفقرات، وكانت كل فقرة تطلب من مجموعة جديدة من الطلاب أن يقوم بتكملة الموضوع، بينما هي تكبح تدخلاتها عند الحد الأدنى، مصححة إذا لم يتدخل طالب آخر للتصحيح، أو محفزة للطلاب عندما تشعر بتشتتهم.

بعد مضي ثلث الحصة تقريبا، وقفت قائلة حسنا لقد مللت من الأرقام، ما رأيكم بأغنية؟ صفق الطلاب وغنوا في منتهى المرح لمدة دقيقتين أو ثلاثة، قبل أن ترفع يدها وتطب منهم استكمال الدرس، وعادت هي إلى جلستها وهي تتابع نشاط الطلاب بعينين يقظتين، تتابعان كل حركة من الطلاب، وفي النهاية طلبت منهم أن يجلسوا بشكل ثنائي، وقدمت لهم ورقة عمل تشمل تطبيقات لموضوع الدرس، وطلبت من كل زوج أن يتعاونا في حلها، بينما هي تدور بينهم لتتأكد من انخراطهم سويا.

لست محللا نفسيا، لكن أعتقد أن اللامبالاة هي قناع طورته للتغلب على خجلها أو شيء من هذا القبيل، لأنها في الحقيقة كانت مهتمة، بل ومهتمة جدا.بعينين متسعتين وأنفاس مبهورة من الإثارة، قالت لي بعد الحصة أنها عانت كثيرا حتى توصلت مؤخرا لهذا الأسلوب في العمل مع الطلاب.ذكرتني بمقولتي حول أهمية أن يقوم كل معلم بتطوير أسلوبه الخاص في التدريس بناء على معطيات الواقع الصفي، لم أتوقع حتى أنها قد انتبهت لكلامي في ذلك الوقت، وفي بحثها عن أسلوبها الخاص كانت في حيرة بين إلحاح المنهاج المدرسي، كما تؤكد عليها دوما المعلمة المتعاونة، وضرورة إنهاء كم معين من الدروس في الوقت المحدد لها، وبين أن تقدم للطلاب أنشطة تسمح بالتغلب على الفروق الفردية بينهم في مجال الرياضيات، كما أن استغراقها في الشرح التقليدي لا يسمح لها بمتابعة الطلاب بشكل فردي، ويعمق الفروق بين الطلاب، فمن يستفيد من شرح المعلم سيحقق تفوقا، بينما الآخرون يتراجع مستواهم باطراد، بالإضافة إلى أن العمل الجماعي لم يكن ممارسة شائعة عند الطلاب.

بدأت هبة في تدريب الطلاب على العمل في مجموعات يقوم أحد الطلاب بقيادتها وتقديم الدرس أو حل التطبيقات المطروحة، إلا أن السيطرة على عمل المجموعاتكانت أمرا شاقا بالنسبة لها، لذلك كان من الأسهل قيادة العمل الجماعي لكل الصف، خصوصا في هذا العمر الصغير،كانت هذه المرةالثانيةالتي تطبقفيهاهذه الطريقة على درس كامل، جربتها مع صف أكبر على درس "القسمة المطولة"، هي نفسها تفاجأت من إتقان الطلاب للمهارة في زمن قياسي، حتى الطلاب المصنفين على أنهم الأضعف في الصف، أصبح لديهم الجرأة ليقوموا بحل المسائل على اللوح أمام الجميع.

تناقشت معها قليلا، لم أستطع أن أخفي إعجابي بما تقوم به، أداء الطلاب كان أكثر من رائع في قيادة الدرس والتعاون معا، خصوصا أن معظمهم كانيقدمالدرسللمرةالأولى، أعجبني أنها خلال هذه الفترة القصيرةاستطاعت أن تصل معهم إلى هذه الدرجة من التناغم،وعلى الرغم من أنها مازالت تركز على الأهداف التقليدية للمنهاج، ولا تركز على المهارات بشكل عام، إلا أنها تقوم بذلك بشكل جذاب وتختصر الكثير من الوقت، طلبت منها أن تعمل على تطوير أسلوبها بشكل أكثر عمقا ووفقا لخبرات ودروس مختلفة، قدمت لها بعض النصائح التفصيلية حول إدارة عمل المجموعات والعمل الجماعي عموما.

ذكرتني "هبة"بمقولة لأحد أساتذتي عن التناقض بين الآباء ذوي الشخصية القوية واللذين يحملان على عاتقهما مسؤولية الأسرة، يوفران حماية لأولادهم تمنعهم من تطوير شخصياتهم، في حين أن الآباء اللامباليين يتركان مساحة من المسؤولية الملقاة على أولادهم ليطوروا شخصياتهم بشكل أو بآخر.تلك ليست دعوة بالتأكيدإلىاللامبالاة الأبوية، بل هي إغراء لممارسة اللامبالاة "كفن"يجب اتقانه، أن نعرف كيف ومتى ننسحب من الموقف تاركين لأطفالنا وطلابنا الفرصة اللازمة لتطوير مهاراتهم.

مرة أخرى، لقد ضربت "هبة"بعرض الحائط كل تلك القواعد المعروفة للتدريس وضبط الصف، لأنها تتعارض مع شخصيتها كما رسمتها لنفسها، إن كل معلم هو  وجود خاص، كائن غير متكرر، نحاول نحن بتعاليمنا وطرقنا التقليدية أن نقولبه ونصنع منه نسخة أخرى من الصورة المثالية للمعلم كما نتخيله، دون أن ندرى كم الإمكانات التي نهدرها في سبيلنا إلىتحقيق ذلك.


حنين طالبة أخرى وحالة مختلفة، تعاني حنين من مشكلات في النطق، تجعلها في كثير من الأحيان تنطق بعض الكلمات مقلوبة، أو تقوم بتبديل الأحرف داخل الكلمة، كان ذلك يمنعها من المشاركة في النقاشات في محاضراتي، لا أعلم إذا ما كان هناك علاج لذلك أم لا، إلا أنني اعتقد أن العلاج الصحيح كان لابد أن يتم في مرحلة عمرية أولى، من وجهة نظري الأكاديمية، فإن عائق من هذا القبيل يجعل الفرد غير مؤهل لأن يكون معلما، وخصوصا للأطفال في المراحل الأولى، كنت انتظر الزيارة الميدانية لأخبرها بتلك الحقيقة بشكل أكثر لطفا.

إلا أن حنين وظفت أخطاءها بشكل أكثر تميزا، طورت إستراتيجية أشبه ما يكون بتعاقد مع طلابها، حيث تكافيء أيا منهم في كل مرة يقوم بتصحيح كلمة خاطئة تصدر عنها، وتطلب منه أن يرددها ويقوم الآخرون بترديدها جماعيا بعده، إذا نظرنا إلى الأمر، فإنهاتقرأ بشكل جيد إلا أنها تخطيء بمعدل كلمتين تقريبا في الفقرة، يمكننابذلك أن نكون فكرة عن مقدار مشاركة الطلاب في الحصة، والأكثر من ذلك تركيزهم الكامل معها وهي تتحدث أو تقرأ، ومحاكمة كل كلمة هل تنطقها بطريقة صحيحة أم لا؟ لا يمكن كمعلم أن تحقق أكثر من ذلك المعدل منجذب الانتباه.بالاضافة إلى ذلك ارتكزت حنين في تدريسها على أنشطة يقوم فيها المتعلم بالدور الرئيسي، لتتجنب القراءة إلا لجزء بسيط من الحصة، وهو ما انعكس على أداء طلابها ونشاطهم بشكل كبير.

الغريب أن الرياضيين قد توصلوا إلىهذه الحكمة وطبقوها قبل التربويين، في سبيعينيات القرن الماضي، توصل خبراء التدريب في مجال ألعاب القوى أن تدريبات سرعة العدو تعاني من خلل كبير، وهو العمل وفق افتراض أن هناك خطوة صحيحة يجب على العداء اتباعها للوصول إلى أقصى سرعة، بينما توصلت الدراسات التي أجريت في ذلك الوقت على التدريب الرياضي في المدارس، توصلت إلى أنه إذا تم تطوير كل عداء لخطوته الخاصة فسيصل إلى تحقيق سرعات أعلى، أحدث تطبيق هذه النتائج انقلابا ثوريا في مجال الرياضة الاحترافية.

هل يمكن أن نستفيد من هذه الحكمة في عملنا مع المعلمين والطلاب؟



الملك والمعلم.... من يملك أن يطور التعليم؟ (1)

$
0
0
الملك والمعلم.... من يملك أن يطور التعليم؟ (1)
تطوير التعليم قرار سياسي

تبدو تلك المقولة واقعية وتؤكدها العديد من الشواهد في الدول التي حدث للتعليم فيها طفرة، المنطقي والمعقول أن تحدد الدولة أي نوع من المواطنين ترغب فيه، ومن ثم يتم بناء نظام التعليم الذي يسهم في بناء هذا المواطن، أمريكا قامت بذلك في الخمسينات للحاق بالاتحاد السوفيتي في سباق الفضاء (تقرير أمة في خطر) وكذلك فعلت سنغافورة وماليزيا وكوريا في الربع الأخير من القرن العشرين، والبرازيل في العقد الأخير من القرن السابق وبدايات القرن الحالي، في كل الحالات الأخيرة كانت التطورات العظيمة التي شهدها التعليم نتيجة لتحولات عميقة في نظام الدولة تجاه تبني سياسات العدالة الاجتماعية، واستجابة لمشروع نهضوي شامل لكافة قطاعات المجتمع

في المجتمعات التي تتبنى أنظمة غير حرة، تملك سلطة الحكم فيها تحالفات بين كل من الطبقة المسيطرة سياسيا (رجال الحكم) والمستفيدين/المسيطرين اقتصاديا (التايكونز)، لتشكل نخبة حاكمة تقبض على أطراف الدولة ومفاصل المجتمع، وهي معنية بتثبيت الوضع القائم بما يضمن استمرار مصالحها، يصيب هذا نظام التعليم بالركود والترهل، ويتحول المعلم إلى موظف لدى الحكومة، وتتضخم اللوائح وتسود الاجراءات على الفعل، ويصبح المعلم محاصرا بقوانين ومناهج غير منطقية ولا وظيفية بالنسبة له، ويصبح الاتجاه العام نحو التنميط، كل المعلمين يقومون بنفس الإجراءات في نفس الوقت بغض النظر عن معقوليتها، هنا بالطبع لا نحلم ببناء مواطن فعال في المجتمع ولكن مخلوق "بيروقراطي"منصاع اجتماعيا و"انتهازيا"يبحث عن الفرص التي تقربه من الجهات الحاكمة أو التي تحقق له بعض المنافع الاقتصادية

يشكل المعلمين في تلك الأنظمة مصدر تهديد حقيقي لجهات الحكم، فهو الأكثر قدرة على كسر رتابة النظام السائد، لذلك يجب أن يكون حصاره محكما من خلال مجموعة أدوات تبقيه في حالة من السكون:
حصار معيشي:رواتب أقل من تأمين حياة كريمة تبقيه على التصاق بالمؤسسة كمصدر رزق دائم "غير كافي"
حصار وظيفي:من خلال تقارير السنوية ونصف السنوية والتقييمات و....و.....، والدعم السياسي المركزي لمجموعات نقابية لا تمثل الهموم العامة للمجموع الأكبر من المعلمين
حصار مهني: تبني أنظمة تطوير مهني غير فعالة وغير شاملة، تبقي المعلم دون الحد المقبول من الأداء، وتفقده الثقة في قدرته على احداث التغيير أو التأثير في الأجيال/ الفئات الأخرى
حصار اجتماعي: نتيجة للظروف السابقة، ومع حالة الانتهازية/ الاستهلاكية السائدة في المجتمع، تتحول فئة المعلمين إلى طائفة أقل من طبقات أخرى قادرة على التمتع بمزايا استهلاكية أكثر
حصار بيداجوجي:من خلال تبني مناهج تعليمية كثيفة ومتضخمة وأنظمة تقييم تقليدية وعقيمة قائمة على الحفظ، تجعل من طرق التلقين السبيل الأمثل أمام المعلم

وفي مقابل نظام التعليم الرسمي/ التقليدي القائم، تنشأ عشرات من مؤسسات التعليم الخاصة التي تخدم أبناء الطبقات الأعلى في المجتمع، وتتبنى طرق ومناهج تعليمية حديثة ومغايرة لما يقدم لعامة الشعب، وتصبح المعادلة القائمة هي أن من يستطيع إحداث التغيير غير راغب فيه، بينما المعني بتحولات الوضع القائم غير قادر على الوصول في إحداث فارق.
وفي تلك الحالة يبقى التغيير رهنا بتغير في القرار السياسي وليس شخوص الحكم (وزير التربية والتعليم على سبيل المثال)

لماذا كمعلمين يجب أن نكون ضد الساسة؟
نادرا ما يخلو خطاب لمسؤول أو متحدث حكومي في الشأن التعليمي من كلمات مثل التغيير والتطوير والتوجه نحو الإبداع و....و.....، وهي كلمات رنانة وبراقة لكنها تبقى جوفاء غير مرتبطة بخطة واقعية، وعلى حين يتم افراد مجلدات وآلاف الصفحات و المؤتمرات وورش العمل التي تتناول تفاصيل الخطط، فإنها فعليا على الأرض لا تحدث الأثر المطلوب، ببساطة لأنها قائمة على الإجراءات وليس الفعل، أي أنها تستبدل مجموعة قديمة من الاجراءات وتحل محلها مجموعة من الاجراءات التي يجب على المعلم اتباعها، لا لتعطيه المساحة والحرية الكافية "للفعل"الحقيقي الأصيل الحر والمؤثر

ربما عند هذه النقطة من الجيد أن أوضح أن المقصود بالانتهازية هنا ليس سبة أو انتقاص، إنما هي حالة اجتماعية/ مهنية، ففي ضوء قناعة جماعة معينة من المعلمين بعدم كفاية الإطار القديم لتحقيق طموحاتهم وأفكارهم، يبدو الإطار الجديد ملائما لتقدمهم والتعبير عن أفكارهم، وبالتالي يتشجعون لأخذ المبادرة والبناء على الاجراءات الجديدة لتحقيق طموحهم الشخصي والمهني، في هؤلاء النشطين تجد الجهات الرسمية ضالتها، فهم من جهة دليل على صلاحية هذه المجموعة من الاجراءات، ومن جهة أخرى سلاح موجه للحشد الأكبر من المعلمين الآخرين، ويبدو اتهامهم بعدم القدرة على المواكبة والتطور منطقيا مقارنة بزملائهم.

وهنا يمكن إيراد دليلين على كذب هذا الادعاء الأخير، الأول هو وعي غالبية المعلمين بأن تلك تبقى "مجموعة اجراءات"لن تحقق الهدف المقصود، لأنهم لم يكونوا جزء من بنائها واتخاذ القرارات المترتبة عليها، والثاني هو خبرة المعلمين بتغير "الاجراءات"عدة مرات من قبل بدون تغيير حقيقي على أرض الواقع، لذلك تبقى تلك الاجراءات دوما محاصرة في عدد قليل من المعلمين، ولا تحدث أثرا لدى السواد الأعظم منهم

هنا تبدو مقولة تأثير القرار السياسي في تطوير التعليم باطلة، لكن الأمر ليس كذلك...

(يتبع)

اليوم الخامس: عن التأمل ويوميات المعلم

$
0
0

تقول أية في يومياتها:

                 "وبدأت أفكار الحصة الفوضوية تدور في مخيلتي ورأيت الفوضى والأصوات تعلو وهذا يقول أعطني مقص وآخر أريد لاصق وألوان، قدرت أن الحصة ستنتهي ولم ننجزز النشاط المقرر، وهنا بدأت بإعادة جدولة خطتي وقلبتها رأساً على عقب، بلحظة تسرع وخوفاً من الفوضى وضياع الوقت ذهبت مخططاتي في مهب الريح، أخذت القرار بأن أشرح وأعرض شرائح "البوربوينت"في البداية، ثم استخدام الوسيلة التعليمية بطريقة مختلفة عن ما خططت له بحيث يستخدمها طالب واحد في كل مرة على اللوح.
                 وخلال سير الحصة بدأت علامات الملل تظهر على أوجه الأطفال، شعرت بالندم وخيبة الأمل، وكل ذلك بسبب قرار متسرع اتخذته في لحظة تأمل وسرحان مع مخيلتي، ولـــم أفعل ما خططت له"

أحد العناصر التي اصبحت ألح عليها في تدريب طلابي هي كتابة اليوميات المهنية لعملهم كمعلمين خلال فترة التدريب، استغل أن معظمهم قد اعتاد كتابة يومياته الشخصية بشكل يومي أو متقطع في مرحلة من مراحل حياته، أما على المستوى المهني تعد اليوميات من أهم ركائز التطور عند المعلم، حيث تسمح للمعلم المهتم بمهنته بالتأمل في أحداث الدرس، واستنتاج أهم الأحداث أو النقاط المفصلية، سواء في نجاح الحصة أو فشلها، وبالتالي تسمح له بمراقبة تطوره المهني بطريقة منظمة.



على المستوى الشخصي، لجأت لكتابة اليوميات المهنية في حياتي العملية، خصوصا عند استخدام طريقة جديدة في مجال التدريس أو التدريب،  إلا أن أكثر المرات تأثيرا على تكويني المهني عندما بدأت استخدام طريقة الاستكشاف الجماعي في التدريس، طلب مني أن أقدم مساقا دراسيا في التعليم الالكتروني لمعلمين على وشك التخرج، اعتاد الطلاب على طريقة المحاضرات أو في أحسن الأحوال على التطبيق الفردي، أي أن يتم تدريبهم على طريقة أو أسلوب معين في العمل، ثم يقوموا بإعادة تنفيذه، كان ذلك تقريبا مناقضالما أرغب في القيام به، حيث كان الهدف هو التوصل للمعرفة والأساليب الأفضل من خلال العمل الجماعي.

ما بعد التعارف والاتفاق على المنهجية، قسمت الطلاب لمجموعات وطلبت من كل مجموعة أن تستكشف واحدة من تطبيقات الانترنت (البريد الالكتروني، المدونات.....)، لم يزد اللقاء عن كونه كارثة، لم يتم انجاز أي هدف، لم استطع السيطرة على العمل داخل المجموعات حيث سادت النقاشات الجانبية، والتنظيم كان سيئا جدا وعشوائي، سادت الفوضى في أرجاء القاعة، وبالطبع لم يتحقق أي هدف من أهداف اللقاء.

احسست باحباط شديد، فكرت للحظات أن أعود لطريقة التدريس التقليدية، في التدريب مع أشخاص أكبر عمرا وأكثر خبرة لم يكن الوضع مشابها، تذكرت الحكمة التي أقدمها لطلابي ألا يرجعوا فشل الدرس دوما للمتعلمين، وهكذا بمصاحبة كوب من الشاي الساخن، قررت أن اكتب اللقاء بتفصيلاته باحثا عن المشكلة، اكتشفت أنني لم أقم بتنفيذ عمل المجموعات "حسب الأصول"، فأولا كانت لدي معرفة مسبقة بأن الطلاب غير معتادين على العمل الجماعي، من المهم هنا القيام "بمناورة"، تكليفهم بمهمة بسيطة تتطلب انخراطهم معا، كنوع من ترسيخ الممارسة الجماعية.

كذلك لم أقم بتحديد المهمة بشكل دقيق، مجرد تكليفهم "بالاستكشاف"ليس مهمة، الاستكشاف هو ما يحدث خلال تنفيذهم لمهمة محددة، بالاضافة إلى أنني لم أقدم لهم ارشادات لتأدية المهمة، ولم أقوم بتحديد الأدوار داخل المجموعة، وبالتالي أصبح الطالب المهتم أكثر من غيره هو المكلف وحده بالمهمة تقريبا، كما لم أقم بتحديد اطار زمني لعمل المجموعات، ولم أربطه بمنتج محدد يقدمه الطلاب.

وبناء على "تأملي"في اللقاء، أعدت تصميم المقرر كاملا، في بداية اللقاء التالي قدمت لهم استبيان حول طريقة عمل المجموعات، لم يحبذوا الطريقة حسب المتوقع، وأفادوا بأنهم لم يستفيدوا منها أي مهارة، ولم تزد عن كونها تضييع الوقت، ناهيك عن حدوث أي تعلم،  على مدار اللقاءات حاولت اصلاح الأخطاء التي وقعت فيها واحدا بعد آخر، محاولا الوصول إلى النتيجة المرغوبة، وعقب كل لقاء كنت أسجل ما أشهده من تغيرات وما أواجه من صعوبات، في نهاية الفصل اعدت تقديم الاستبيان مرة أخرى، كانت النتائج مختلفة، أفاد معظمهم أنهم سيستخدموا طرق العمل الجماعي في تدريسهم المستقبلي.

زادت قناعتي بأهمية اليوميات كأداة للتأمل، من خلال العمل مع  مجموعة المعلمين المشاركين بتدريب موجه نحو التعليم المتمركز حول المتعلم، أحد المشاركين من خلال خبرة تقترب من العشرين عاما كان قد طور أسلوبا رائعا في تقديم المحاضرات، لذلك كان من الصعب اقناعه بالتخلي عن أسلوبه القديم واكتساب طرق أكثر حداثة، اصراري على متابعته لكتابة اليوميات ساعد في النهاية على تحقيق التحول المطلوب

                       "من خلال درس (مسؤوليات أعضاء الأسرة) للصف الثامن، اعتقد أنني حققت بعض الشيء من الهدف وهو نقل الطالب من حالة التلقين                           والدرس التقليدي الى مرحلة التخيل في والتحليل، واجراء المقارنات، وكان الأسلوب مشوقا للطلبة والتفاعل أكثر من رائع

نلك كانت عبارة من يومياته يمكن أن تلمس منها مدى التحول من قناعة المعلم بقدرته على تحقيق الأهداف التعليمية في كل درس، لرؤية ترى أنه في حاجة لتلمس طرق جديدة تزيد من فاعلية تدريسه، خاصة بعدما تيقن من فعالية الأسلوب بالنسبة لطلابه، مقارنة بالطرق التقليدية، عند هذه النقطة تحديدا شعرت بحدوث التحول.

في البداية يصيغ الطلاب يومياتهم بشكل روتيني وآلي "شاركت في نشاط كذا"أو "تعلمت اليوم كذا"، يتطلب ذلك نقاش أعمق للوصول معهم إلى النظرة المتأنية العميقة لما يقومون به، "هل أحببتي ما قمت به؟، لماذا؟ هل كان يمكنك القيام به على نحو أفضل؟ ماذا كانت مشاعر طلابك؟ حسنا..لماذا لم تذكري كل تلك التفصيلات؟"ابدأ في التيقن من أن الطريقة تؤتي ثمارها عندما أجد عبارات مثل "بدأت الحصة خائفة ومرتبكة، اقترحت على الطالبات أن ننشد اغنية الفصول الأربعة، غنيت وصفقت معهم، بدأت أشعر بالتأقلم أكثر، ازدادت ثقتي في قدرتي على تنفيذ الدرس كما تخيلته"أو "كان اليوم مزعج، فشلت في تقديم الدرس كما ارغب، اعتقد أن الوسائل التي استخدمتها لم تثر اهتمام الطلاب، والأنشطة أيضا كانت تقليدية ومملة"

    "هل يصلح عمل المجموعات للطلاب في الصف الثاني؟ كيف اضمن تحقيقهم للمطلوب؟ هل يستطيع الأطفال بناء مفاهيمهم باستقلالية وبناء معارفهم ذاتيا؟ كيف يمكن توظيف الوسائط مع الأطفال الصغار لدعم تعلمهم؟"

تلك مجموعة من الأسئلة التي صاغتها "فاتن"باعتبارها محاور لتجربتها في التربية العملية، وتلك عادة ما تكون بداية جيدة وهي الوصول إلى موجهات لعملية التأمل، مما يساعد على الوصول إلى صياغة "المشكلة"وطبيعتها وأبعادها، وتساعد اليوميات في الكشف عن المدى التقدم الذي يحرزه المعلم، كما تساعده على التعرف على الأخطاء التي يقع فيها في الاجراءات، وايجاد الحلول والمسارات البديلة، ومن خلال تطبيق العديد من استراتيجيات التعلم النشط يتستطيع في النهاية أن يصل لنتيجة ايجابية:

          "الدروس التي تعلمتها:
·           النشاطات الجماعية مفيدة جدا لتشجيع العمل التعاوني والاتفاق على توزيع الادوار بين افراد المجموعة الواحدة.
·         جعل التلاميذ يقومون يالعمل بانفسهم يجعلهم اكثر حماسا واكثر ثقة بانفسهم الى جانب اهمية هذا الامر في تنمية العضلات الصغرى لديهم.
·         النشاطات الجماعية مكنتني كمعلمة من امكانية ملاحظة التلاميذ اثناء العمل والعرض ومعرفة نقاط القوة والضعف عند كل تلميذ.
·         زادت هذه التجربة من خبرتي في مجال ادارة المجموعات الصفية.
·         التنويع في طرائق التدريس يجعل التلاميذ اكثر تركيزا ويقلل من حالة الملل التي قد تصيب بعض الطلاب.
·         استخدام الوسائط في التدريس يعطي نتائج افضل ويقلل من الجهد المبذول من قبل المعلم اثناء الحصة الى جانب كم المعلومات الكبير الذي يمكن اختصاره في دقائق قليلة" 


تتذكر ربا اليوم الذي عادت فيه يائسة من المدرسة،تعشق ربا الرياضيات كما تعشق مهنة التدريس، لكن عملها مع مجموعة من المراهقات صعب عليها المهمة، شعرت بعدم قدرتها على إيصال  الأفكار رغم استخدامها للعديد من الوسائل التعليمية، توجه لومها إلى مجموعة محددة من الطالبات تعيق كل جهودها، من وجهة نظرها لم يقدمن الاحترام الكامل لها كمعلمة نظرا لوجودها لفترة التدريب فحسب، لم يتبقى من فترة تدريبها سوى أيام معدودة حينما انفجرت في احداهن، عايرتها بانخفاض مستواها التعليمي وعدم قدرتها على التركيز في التعليم، وأنها لن تجد جامعة ذات مستوى يليق بها، زاد احساسها بالضيق أمام نظرة الفتاة المتحدية الباردة.

في تلك الليلة تحديدا بدأت ربا في كتابة يومياتها لتصب فيها غضبها على الطالبات، بعد عشرة صفحات تقريبا بدأت الصورة الكاملة تتضح في ذهنها، اصرارها في الحفاظ على مسافة من الطالبات لتتمكن من ضبطهن، بناء على نصيحة من المعلمة المتعاونة، لم يتسق تماما مع طبيعتها، انبأها حدسها أنها خسرت طالباتها من أول مرة أرسلت فيها احداهن إلى المديرة، قررت اتخاذ عدة قرارات لتغيير طريقة تدريسها، في اليوم التالي ذهبت إلى المدرسة ترتدي "رداء رياضي"تحت جلبابها، اعتذرت للطالبة التي واجهتها بالأمس أمام الصف واعترفت بأنها كانت المخطأة، واخبرتهن بأنهم ستقوم بتقديم هذا الدرس في ساحة المدرسة.

احترمت رغبة "ربا"في  احتفاظها بتفاصيل يومياتها لنفسها، هكذا اخبرتني بعد حصة رائعة، عملت الطالبات خلالها على تنفيذ مجسمات توضح فكرة "القطع الناقص "بهدف الوصول إلى طرق احتسابها رياضيا، كانت الحصة منضبطة وتعاونية إلى أقصى حد، أكدت ربا خلال نقاشنا بعد الدرس أنها ايقنت أنها خلقت فعلا لتكون معلمة، وأنها متشوقة إلى العمل بشكل نظامي مع الطالبات في تلك المرحلة العمرية، بعد أن اكتشفت كمية المرح والمتعة التي يمكن أن تكون عليها مهنة التدريس.

إن كتابة المعلم ليومياته بشكل مستمر تتعدى مجرد التسجيل الحرفي لأحداث يومه، فهو يرسخ من خلال ذلك إيمانه بقدرته على التطور المهني المطرد، بغض النظر عن الإطار الرسمي الذي تقدمه المدرسة، إنه يتأمل في ممارساته كما لو كان يشاهد فيلما سينمائيا بعيون ناقدة، متجاوز ا التفاصيل  السطحية نحو الأعمق من المشاعر والأفكار، إنه المعلم الذي لا يخشى الفشل ولا يعتبره نقيصة، يجرب طرق جديدة بقلب مغامر وعقل تاجر، ليحول من كل يوم له خبرة جديدة تضاف إلى سيرته المهنية.




Viewing all 87 articles
Browse latest View live